صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية – المصارف تنتهج لعبة التضليل
ناقشت صحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية، في تقرير لها، دور الجهاز المصرفي في تنفيذ عمليات السوق المفتوحة في إيران. حيث رأت الصحيفة أنه في هذه الأيام، يؤثر عجز الميزانية الهيكلية على الاقتصاد ولا يُلحظ أي انفتاح من قبل مؤسسات صنع القرار، مشيرة إلى أنه لتعويض عجزها، تعتمد الحكومة إما على النظام المصرفي أو تخلق موارد غير مستقرة لنفسها من كافة الجهات.
في هذه الأيام، يؤثر عجز الميزانية الهيكلية على الاقتصاد ولا يُلحظ أي انفتاح من قبل مؤسسات صنع القرار. ولتعويض عجزها، تعتمد الحكومة إما على النظام المصرفي أو تخلق موارد غير مستقرة لنفسها من كافة الجهات. وبعد كل شيء، يتم تمويل الإنفاق الحكومي من خلال الديون، حيث برز الاقتراض كعنصر أساسي في السياسة المالية. بيد أن يد الحكومة في هذا الاتجاه لم تكن أبداً خاوية، والنظام المصرفي، الذي يعتبر نفسه أكبر دائن للحكومة، يأخذ في الاعتبار الفائدة المركبة للديون القائمة في نهاية كل سنة مالية ويعمّق الجرح من مصيدة تراكم الديون. وفي حالة توصل فيها صانع السياسة إلى مبدأ الاقتراض لإدارة الشؤون الاقتصادية للبلاد، فإن توسيع النظام المصرفي فيما يتعلق بالديون يمكن أن يزيد من تعطيل هذا المسار. والسؤال هو، هل هناك أساساً إجابة واضحة وسبب واضح لنهج المصارف في زيادة الدين الحكومي؟
في الأساس، تواجه الحكومات الكثير من الإنفاق الاستهلاكي كل عام، والذي يتجلى في ارتفاع عجز الميزانية. ورغم أن المسؤولين الحكوميين ينفون وجود عجز في الموازنة عند تقديم مشروع قانون الموازنة إلى مجلس النواب، إلا أنه من الواضح أن هذا العجز، وإن لم يكن واضحاً يختبئ وراء الأرقام والأعداد الكبيرة الواردة فيه. ومع ذلك، في ميزانية هذا العام، فإن هذا العجز واضح ويمكن رؤيته بوضوح في الصف المخصص للميزان العملياتي. وحجم هذا العجز 320 ألف مليار تومان. وحتى الآن، لم يتم تقديم حل واضح لهذه المشكلة من قبل مؤسسات صنع القرار، وقد أدت ضغوط السنوات الأخيرة إلى زيادة حجم المشاكل والمتاعب. وأحد الحلول التي تختارها الحكومات في حالات مماثلة هو الاقتراض من المصرف المركزي والنظام المصرفي.حيث يتم ذلك إما بشكل مباشر، وفي هذه الحالة يجب على المصرف المركزي أن يحافظ على تشغيل محرك طباعة النقود وأن يسدد الإنفاق الحكومي عن طريق تكوين الأموال.
ولكن في بعض الحالات، يحدث هذا الاقتراض أيضاً بشكل غير مباشر. حيث في العام الماضي وعلى سبيل المثال، لجأت الحكومة إلى صندوق التنمية الوطنية للتغلب على بعض مشاكلها المالية، وتم تلبية جزء من احتياجاتها من خلال سحب مواردها من النقد الأجنبي. ومع ذلك ، لم تكن هذه الموارد ممكنة إلا من خلال توفير ما يعادل الريال من أجل التمكن من إدخال النفقات اليومية للحكومة. وهكذا، أصبح المصرف المركزي مسؤولاً بشكل مباشر عن تحويل موارد النقد الأجنبي هذه إلى موارد بالريال، وبدأت عملية تحويل الدولار إلى الريال من المسار المعاد. وعلى الرغم من أن الحكومة تعتقد أن مثل هذه العملية لا يمكن أن تغير تدفق الأموال داخل وخارج العجلة الاقتصادية، فقد استشهد المصرف المركزي بهذا كمثال واضح على تكوين النقود. حيث أن حادثة أخرى وقعت في الأشهر الأخيرة من العام الماضي والتي كانت استخدام موارد النقد الأجنبي التي يتعذر الوصول إليها والمحجوبة. وبعبارة أخرى، فقد ألزمت الحكومة المصرف المركزي بتقديم الريالات للحكومة مقابل عائدات الدولار من بيع النفط المُصادرة في الخارج، وبالتالي أدخلت الحكومة الدولارات غير المرئية في البلاد. وقد أصبحت هذه المسألة أيضاً قوة دافعة جديدة لنمو السيولة والقاعدة النقدية.
أما طرق التمويل الحكومية لا تنتهي عند هذا الحد. حيث تمت تلبية جزء من احتياجات الحكومة العام الماضي من خلال سوق الديون. وقد كشف المصرف المركزي بصفته السلطة النقدية في البلاد، عن أداة جديدة تسمى عمليات السوق المفتوحة العام الماضي للسيطرة على سوق المال. وهكذا أصبحت عمليات السوق المفتوحة كأداة غير مباشرة للسياسة النقدية منذ العام الماضي في مجال سياسة البنك المركزي وأداة للسيطرة على الوحدات النقدية مثل القاعدة النقدية والسيولة. وهذا السوق هو في الواقع الإطار المؤسسي لشراء وبيع الأوراق المالية من قبل المصرف المركزي، والغرض الرئيسي منه هو التحكم في كمية وسعر احتياطيات المصارف. وبشكل عام، تحتفظ المصارف بالأموال في حساباتها لدى المصرف المركزي والمعروفة باسم الحسابات الاحتياطية، بهدف تأمين الاحتياطيات القانونية وزيادة قدرة المدفوعات بين المصارف.
وكما اتضح، فإن الآلية الرئيسية لهذه السوق تعتمد على بيع وشراء الأوراق المالية. ونظراً لطبيعة هذه السوق في جمع السيولة ضمن العجلة الاقتصادية، فإنه يسمى أداة للتحكم في السيولة والقاعدة النقدية. حيث يتم تحديد دور الحكومة في هذه السوق أيضاً عندما نعلم أنها المشتري والبائع الرئيسي للسندات المالية الحكومية. وعلى الرغم من أن الكشف عن هذه الأداة كان يهدف في المقام الأول إلى السيطرة على السيولة، إلا أنه يبدو أن هذا الهدف سيتحقق إذا كان المشترون الرئيسيون لهذه السندات المالية هم الناس والمجتمع وليس النظام المصرفي. كما لوحظ في تقارير عمليات السوق المفتوحة الأسبوعية للمصرف المركزي، حيث يتم شراء السندات المالية الصادرة عن الحكومة بشكل فعال من قبل النظام المصرفي والمؤسسات المالية، مما يقلل من فعالية مثل هذه السياسة في السيطرة على المعروض النقدي. ومع ذلك، يمكن أن تساعد الحكومة في تمويلها.
لذلك كما ذكرنا، قامت الحكومة بالتمويل بطرق مختلفة خلال العام الماضي ومعظم هذه الطرق كان من خلال الديون. ويبدو أنه بسبب الظروف الاقتصادية غير المواتية والركود السائد في الاقتصاد وكذلك إغلاق طرق تصدير النفط من المصادر الرسمية، فليس لدى الحكومة أي دخل لتسيير وإدارة البلاد، وبالتالي فقد انتهجت مبدأ الاقتراض. وعلى الرغم من أن مقاربة الحكومة في صنع السياسات في طريقة التمويل وإدارة الدولة تتعرض لانتقادات شديدة، إلا أنه ينبغي أيضاً دراسة أداء النظام المصرفي في هذا الصدد. حيث تظهر الدراسات الإحصائية أن الحكومة تدين بالكثير للمصارف. وقد تشكلت هذه الديون وتراكمت على مر السنين لأسباب متنوعة، بما في ذلك بيع السندات لتغطية النفقات الجارية والميزانية أو للحصول على ائتمان لدفع النفقات المتعلقة بالمساعدات. ولكن المشكلة التي أدت إلى تراكم الديون الحكومية للجهاز المصرفي والتغيير في اتجاه السياسة الحكومية في اتجاه التمويل هو إجراء يعتمده النظام المصرفي.
على الرغم من أنه لا يوجد شك في أن الحكومة مدينة بأموال للنظام المصرفي، ولكن يبدو أن المصارف تُضخم أيضاً مطالبها من الحكومة. ويتم ذلك من خلال استلام الفوائد المركبة من الحكومة. في حين أن البيانات المالية المدققة للمصارف هي المعيار الرئيسي لحساب مقدار الدين الحكومي للمصارف، ولكن النظام المصرفي، ودون مراعاة المعايير التي حددتها هيئة التدقيق، يركب موجة يمكن أن تجد طريقة للتعويض عن توازن بياناتها المالية. ووفقاً لذلك، تحسب المصارف الدين الحكومي بطريقة مركبة وفي الواقع تعامل الحكومة مثل عملائها الآخرين، وبالتالي تعيد الفائدة إلى أصل الدين والفائدة في نهاية العام. ويحدث ذلك في حين أنه وفقاً للتعليمات التي وافقت عليها الحكومة في عام 2016 يجب أن يكون حساب الديون الحكومية بسيطًاً وبعبارة أخرى، يجب نقل ذات الدين الأصلي إلى العام الذي يليه.
وعليه، يجب إدخال النظام المصرفي كواحد من الأدوات الرئيسية في الاتجاه الذي تُحبس فيه الحكومة من خلال ديونها ويجعل من الصعب عليها عبور الطريق الاقتصادي الوعر. ومن الواضح أن مثل هذه العملية تتم تحت إشراف المصرف المركزي، وبالتالي يمكننا أن نعبر عن قلقنا بشأن الأداء العام لمصارف الدولة. وفي هذه الحالة، يجب اعتبار استخدام المصطلحات مثل تنفيذ عمليات السوق المفتوحة للتحكم في الوحدات النقدية بمثابة التلاعب بالكلام من قبل النظام المصرفي في البلاد. حيث يصبح هذا الأمر أكثر إثارة للقلق عندما نعلم أن البلاد في خضم العديد من المشاكل الاقتصادية والمصائب، ويمكن لسلوك المصارف أن يضيف إلى مجموع المشاكل. وباختصار من المهم ملاحظة أن مبالغة المصرف في الدين الحكومي وأخذ الفوائد المركبة منها يمكن أن يزيد من تعطيل المسار المضطرب الحالي ومضاعفة عجز الميزانية المتراكم. وفي هذه الحالة، فإن السؤال الوحيد الذي يطرح نفسه هو من هو المسؤول الرئيسي للتعامل مع هذه القضية وهل لدى النظام المصرفي أساساً إجابة واضحة عن سلوكه السياسي؟
إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا
المصدر/ صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية