صحيفة “آفتاب يزد” الإصلاحية – هل تغير أميركا مسارها من بن سلمان إلى بن نايف؟
تناولت صحيفة "آفتاب يزد" الإصلاحية، في مقابلة مع الخبير في شؤون الشرق الأوسط والسعودية محمد بارسا نجفي، موضوع توتر العلاقات بين الرئيس الأميركي جو بايدن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان. حيث توقع بارسا نجفي أن تغيير مسار الديمقراطيين من محمد بن سلمان إلى محمد بن نايف قد يكون أحد الخيارات المحتملة وهو خيار بالطبع لن يغير حسب رأيه السياسات الاستراتيجية للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
اعتبر الخبير في شؤون الشرق الأوسط والسعودية محمد بارسا نجفي، في حديث مع الصحيفة، أن “دعم واشنطن للرياض هو جزء من السياسة الاستراتيجية للولايات المتحدة وليس له علاقة بما إذا كان الرئيس جمهوريًا أو ديمقراطيًا”، مشيراً إلى أن “الحركات الأولية المكتوبة باسم الرئيس جو بايدن والديمقراطيين تعود أكثر إلى الطريقة التي عمل بها “محمد بن سلمان” في السنوات الخمس الماضية، وإلا فلن يكون هناك تغيير في السياسات الأميركية الداعمة للسعودية”، مضيفاً “إذا عدنا إلى الماضي في الواقع كان الدعم الأميركي للسعودية أكثر بروزًا في بعض الأحيان من دعم الولايات المتحدة لإسرائيل لكن يبدو أن الديمقراطيين غير متوافقين مع السعودية اليوم”.
في الواقع يمكن القول أن هذا المحلل لقضايا الشرق الأوسط محق لأن سياسة جو بايدن في الشرق الأوسط بما في ذلك العلاقات الأميركية مع السعودية تشير إلى تحول كبير عن إدارة دونالد ترامب. يمكن رؤية القضية حول السياسة التي تنتهجها الإدارة الأميركية الجديدة تجاه المملكة العربية السعودية من كلمات الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي، عندما قالت إن “الولايات المتحدة تريد إعادة النظر في علاقتها مع السعودية وإعادة تعريف تلك العلاقة”.
في التحليلات المقدمة أولت وسائل الإعلام الكثير من الاهتمام لكلمات جين ساكي لأن ساكي قالت إن الحكومة الأميركية ستواصل علاقاتها الدبلوماسية في المملكة العربية السعودية من خلال المحادثات مع الملك سلمان. وبهذه الطريقة يتقلص موقع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الحسابات السياسية الأميركية تجاه تلك الدولة.
وتجدر الإشارة إلى أن منزلة محمد بن سلمان تضررت في أعقاب مقتل مراسل صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي. يقال إن قوات الأمن المتورطة في اغتيال خاشقجي كانت على اتصال وثيق بمحمد بن سلمان. بالإضافة إلى ذلك دعت حكومة بايدن القادة السعوديين إلى احترام معايير حقوق الإنسان والإفراج عن السجناء السياسيين بمن فيهم نشطاء حقوق المرأة.
في هذا السياق، أكد نجفي استمرار السياسات الداعمة للولايات المتحدة تجاه المملكة العربية السعودية باعتبارها واحدة من الحلفاء المهمين في المنطقة الخليجية والشرق الأوسط، مضيفاً “يجب أن يكون هناك اختلاف بين سلوك الديمقراطيين والجمهوريين ومسألة السياسة الاستراتيجية الأميركية. نقطة تحول في سياسة الولايات المتحدة تعني وقف التعاون ووضع حد لدعم المملكة العربية السعودية وهو ما لن يحدث أبدًا. لكن في مكان ما يمكن الاستدلال على أن الديمقراطيين مثل بايدن لن يقيموا علاقة مع عائلة سلمان، الديموقراطيون لا يستهجنون ويتنمرون لكنهم يدركون جيدا أهمية السعودية في المنطقة”.
إذا رجعنا إلى الماضي على عكس قادة العديد من الدول الذين هنأوا بايدن بفوزه بمجرد إعلانه عن فوزه فعلت الحكومة السعودية ذلك بضبط النفس. بعد 24 ساعة فقط قررت القيادة السعودية تهنئة بايدن رسميًا بفوزه. وفي رسالة تهنئة تمنى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لبايدن موفور الصحة والرضا. وفي غضون ذلك تمنى محمد بن سلمان للشعب الأميركي التقدم والازدهار واصفا إياهم بأصدقاء المملكة العربية السعودية. الأهم من ذلك أن السلالة السعودية فقدت حليفها وشريكها الأهم والأقوى في العالم دونالد ترامب في أعقاب فوز بايدن.
من هنا، رأى بارسا نجفي أنه “من المضلل تكرار قول أن الولايات المتحدة علقت مؤقتًا تعاونها في مجال الأسلحة مع السعودية لأنه مؤقت. ثانيا هذا التعليق في التعاون حتى لو كان دائما ليس له ربط بالاتفاقات السابقة على عكس ما حدث في بداية الثورة عندما قطعت الولايات المتحدة العلاقات مع إيران ولم تسلم حتى الأسلحة التي دفعت ثمنها”، مشيراً إلى أنه “هنا لا بد من الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى الضرر الذي لحق بهيبة السعودية فقد عانت السعودية الكثير مالياً في حرب اليمن لذا إذا قبلنا أن للسعودية مكانة خاصة في السياسات الاستراتيجية الأميركية ربما يمكن أن يؤدي الدعم من وراء الكواليس أيضًا إلى إنهاء الخسائر المالية”.
وأشار إلى أنه “تم شراء أسلحة بمليارات الدولارات من الولايات المتحدة ولا يستطيع الديمقراطيون عدم تسليمها لأن جماعات الضغط في الصناعة العسكرية لديها الكثير من القوة لدرجة أنها لا تسمح حتى بمثل هذا التفكير. كما أن أساس سلوك الديمقراطيين أساسًا هو إظهار أنفسهم كمدافعين عن حقوق الإنسان والإصلاح وفي غضون ذلك قد يؤدي الجدل إلى عزل محمد بن سلمان”.
مع فوز جو بايدن هناك احتمال أن تنقلب الصفحة وتشتد الانتقادات ضد محمد بن سلمان في الولايات المتحدة. على وجه الخصوص اشتكت خطيبة خاشقجي على محمد بن سلمان قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الأميركية. دعا العديد من أعضاء الكونغرس الأميركي إلى محاكمة محمد بن سلمان فيما يتعلق باغتيال خاشقجي.
بالإضافة إلى دور السعودية في تنظيم سوق النفط ودعم الدولار وتقديم الدعم المادي والمعنوي للجماعات الإرهابية فيما يتعلق بالحرب اليمنية رأى محمد بارسا نجفي أنه “من المفارقات أن الولايات المتحدة تريد تحرير السعودية من دوامة اليمن وهي قضية سعى ترامب لحلها ببيع السلاح وحده”.
فيما يتعلق بمحنة الشعب اليمني دعا مجلس الشيوخ الأميركي مرارًا وتكرارًا إلى إنهاء مبيعات الأسلحة للسعودية وهي قضية نالت دعم أعضاء مجلس الشيوخ من كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة. على الرغم من هذه المطالب استخدم ترامب سلطته دائمًا لمواصلة بيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.
في سياق آخر، اعتبر بارسا نجفي أن “التعاون الإيراني التركي في مسألة العقوبات ضد قطر وضع السعودية عملياً في موقف هزيمة”، مشدداً على أن “الجميع رأى أن العقوبات القطرية قد رفعت دون أن يقبل حتى أحد الشروط السعودية من قبل سلطات الدوحة”.
وأشار محمد برسا نجفي إلى أن “قضية السعودية والمواجهة مع الديمقراطيين مضللة إلى حد ما لكن التحليل الدولي تناول العديد من القضايا من الملف النووي الإيراني إلى التناوب الأميركي في بعض السياسات الإقليمية”، مضيفاً “من المؤكد أن تنفيذ مثل هذه السياسة لن يكون بدون تأثير على أداء المملكة العربية السعودية في المنطقة. قد يؤثر إلغاء بايدن لسياسة دونالد ترامب للضغط الأقصى على إيران على ميزان القوى في المنطقة”.
ومع ذلك لا زال الخبراء غير قادرين على تأكيد ما إذا كانت عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي يمكن أن تؤدي إلى فك التوتر في العلاقات الأميركية الإيرانية كما في عهد باراك أوباما أم لا. لكن من المتصور ألا تظل الرياض صامتة بشأن صعود إيران. ستكون الحكومة الإسرائيلية وبنيامين نتنياهو نفسه أحد شركاء المملكة العربية السعودية الرئيسيين في مواجهة القوة والنفوذ المتنامي لإيران في المنطقة.
وختم محمد بارسا نجفي مشيراً إلى القضية المهمة التي مفادها أن “تغيير مسار الديمقراطيين من محمد بن سلمان إلى محمد بن نايف هو أحد الخيارات المحتملة وهو خيار بالطبع لن يغير السياسات الاستراتيجية للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.”
إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا
المصدر/ صحيفة “آفتاب يزد” الإصلاحية