الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة19 نوفمبر 2019 17:13
للمشاركة:

لماذا يتظاهر الإيرانيون؟

كان قرار المجلس الاعلى للتنسيق الاقتصادي في إيران برفع سعر البنزين من ألف تومان لليتر (أي ما يقارب ٩ سنت أميركي) إلى ٣ آلاف تومان (أي ما يقارب ٢٧ سنتا أميركيا) بمثابة البنزين الذي أشعل نار التظاهرات في غير مدينة إيرانية على امتداد البلاد.
القرار متشعب أكثر، هو يعطي المواطن العادي ٦٠ لترا شهريا بسعر مخفض وهو ١٥٠٠ تومان (أي حوالي عشرة سنتات) للمواطن الواحد على أن يبدأ بشراء البنزين بالسعر الرسمي عندما ينتهي من الكمية المسموحة له. اللأمر الآخر، وبحسب الإجراءات فإن الأموال التي ستسحب من دعم البنزين وهي تقدر ب ٢ ونصف مليار دولار أميركي ستوضع في صندوق لدعم ١٨ مليون عائلة تحت خط الفقر بمبلغ يتراوح بين ٥٥ ألف تومان و٢٠٥ آلاف للفرد الواحد شهريا. بالمناسبة إيران تدفع سنويا ما يقارب ٦٧ مليار دولار لدعم المشتقات النفطية وهي من الدول الأكثر إنفاقا في العالم في هذا الإطار…
القصة ليست هنا، قرار المجلس الأعلى جاء بالتنسيق بين السلطات الرسمية الثلاثة في إيران، القضائية، التشريعية، وبطبيعة الحال التنفيذية، وهو نتيجة دراسة معمقة كما أعلن المسؤولون الإيرانيون وجرى التوافق عليه منذ مدة، وسيساعد في ترتيب الوضع الاقتصادي والتخفيف من وقعه بحسب توصيات صندوق النقد الدولي.
لماذا إذا اشتعل الإيراني؟

هناك عدة عوامل للإشتعال في إيران:

  • العقوبات

الوضع الاقتصادي تحت العقوبات ليس سهلا على الإطلاق على الإيرانيين. هم خرجوا قبل مدة من أزمة انهيار العملة ليدخلوا في مرحلة ركود اقتصادي، وبرغم اظهار الاقتصاد قدرة على ترميم نفسه من الداخل، إلا أن عوامل الفساد وسوء الإدارة إلى جانب العقوبات يزيدون الضغط على المواطن العادي ويضعونه على شفير الإنفجار وهو ما حدث تجنبته إيران لدى فرض العقوبات في آيار مايو ٢٠١٨، بسبب الإنفجار الشعبي الذي سبق في بداية العام ذاك ونهاية العام الذي سبق.

  • توقيت غريب

بعض المعلقين وصفوا توقيت القرار بالغريب، لتزامنه مع الإنتفاضات الشعبية في لبنان والعراق، في ظل الاهتمام الشعبي الإيراني بالأخبار الواردة من هناك… بحسب علي واعظ وهو مسؤول ملف إيران في مجموعة الأزمات الدولية وأستاذ مساعد في جامعة جورج تاون الأميركية، فحتى ولو كان للقرار إنعكاس إقتصادي جيد على إيران، فإن التوقيت في السياسة مهم جدا ومن الصعب في آن تصديق أن الخبرة الأمنية الطويلة للرئيس روحاني لم تعطه فكرة عما يمكن أن تكون العواقب، لذلك فمن المرجح انه كان يريد لوي ذراع الدولة العميقة، على حد تعبيره، للتفاوض مع أميركا، ولا يمكن في ذات الوقت رغبة الأصوليين في الدولة في ضرب الثقة في روحاني قبل أشهر قليلة من الانتخابات النيابية في شباط ٢٠٢٠، واحدة من المؤشرات على ذلك تصريحات بعض الشخصيات الأصولية أو في الحرس الثوري كالقائد السابق محمد علي جعفري الذي أتهم علنا حكومة روحاني بأنها المسؤولة عن اثارة الأحداث الأخيرة.

  • العنف الشديد

كان لافتا جدا مستوى العنف المستخدم من قبل المتظاهرين من اليوم الأول، وما نتج عنه من حرق لعشرات المباني حول البلاد وفي المقابل لم تكن القوات الأمنية أقل عنفا في قمعها التظاهرات واعتقال المتظاهرين. هناك وجهة نظر ترجح أن حكومة حسن روحاني ومن داخلها وزارة الأمن واستخبارات الحرس الثوري لم يكن لديها مشكلة في التوقيت الذي كان بطبيعة الحال سيثير الإحتجاجات، وبالتالي سيخرج إلى الشوارع مجموعات وخلايا يتهمونها بالتنسيق مع الخارج، او لديها ولاءات مناهضة للنظام الإسلامي. هذا التحليل أكد عليه الكاتب الإيراني الأميركي تريتا بارسي الذي أشار إلى أن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد استخدم هذا التكتيك سابقا عندما رفع سعر البنزين قبل عقد من الزمن وأدى ذلك حينها إلى موجة احتجاجات شبيهة انتهت بعد مدة قليلة. لكن بارسي يضيف أن هذا السيناريو ليس ناجحا بالضرورة، والدليل انتشار التظاهرات وتسببها بمقتل العديد من الأشخاص.

  • العناوين السياسية

الظرف الداخلي السياسي والتقاطع بينه وبين دور إيران الإقليمي في التوقيت الذي أنطلقت فيه التظاهرات، دفع بعض المتظاهرين للربط بينهما وبالتالي رفع شعارات أخرى غير المطلبية، كالشعارات الموجهة ضد المرشد خامنئي والرئيس روحاني والنظام الإسلامي، إلى جانب تشديد البعض على الربط بين الحالة الاقتصادية ودور إيران الإقليمي كما في شعار، لا غزة ولا لبنان دمي فداء لإيران، ليس لدينا أموال للبنزين دعونا من فلسطين.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: