الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة16 أكتوبر 2019 17:22
للمشاركة:

معضلة إسرائيل… كيف تستمر في مواجهة إيران؟

أصدر مركز القدس للشؤون الأمنية والسياسية الإسرائيلي تقدير موقف قبل يومين أعده الكاتب الإسرائيلي يوني بن مناحيم توقف فيه عند مستقبل المواجهة الإسرائيلية- الإيرانية في ظل الخيارات الجديدة التي يرتكز إليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. جاده إيران ترجمت هذه الدراسة، حيث أكد الكاتب في مقدمتها إلى أن التوجه الذي يحكم سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عبر التركيز على الساحة الداخلية الأميركية، وتجنب المواجهة في الشرق الأوسط، يعني أن إسرائيل ستبقى وحدها في معركتها ضد إيران.

معضلة إسرائيل – كيفية التعامل مع إيران بعد الانسحاب الأميركي من شمال سوريا

ألقى زعيم حزب الله حسن نصر الله خطابًا متلفزًا في 8 أكتوبر / تشرين الأول لسكان حي الضاحية في بيروت، في إشارة إلى التطورات الأخيرة في سوريا وقرار ترامب سحب القوات العسكرية الأميركية من الحدود السورية وقال: “لقد تخلى الأميركيون عن الأكراد في ليلة وضحاها. هذا هو مصير أي شخص يثق في الولايات المتحدة”، وأكد نصر الله أن التجربة تظهر أن الأميركيين لا يحتفظون بحلفائهم ولا يحترمون الاتفاقيات، ولا يمكن تصديقهم، وكل من يفعل ذلك سيمنى بالهزيمة”.
تهتم إيران وحلفائها بالقرار الأميركي، في حين أن هناك قلقًا متزايدًا في “القدس” بشأن سلوك الإدارة الأميركية، حيث صدمت إسرائيل عدة مرات من سياستها في الشرق الأوسط.
يركز الرئيس ترامب على الساحة السياسية الداخلية للولايات المتحدة، فيما يحاول الحزب الديمقراطي الإطاحة به قبيل البدء بحملته الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، ويتهمه مسؤولون إسرائيليون بأنه يسلم الشرق الأوسط إلى روسيا وإيران. تفاجأت إسرائيل بقرار الرئيس ترامب سحب القوات العسكرية الأميركية من سوريا، ولم يكلف نفسه عناء إبلاغها بذلك مسبقًا.
وقال ترامب في تغريدة يوم 9 تشرين الأول/أكتوبر: “الولايات المتحدة يجب ألا تكون في الشرق الأوسط”، وأضاف بعد ذلك: “أسوأ خطأ لأميركا هو أنها ذهبت إلى الشرق الأوسط”.
في الحقيقة، الرئيس الأميركي لا يبالي بالشرق الأوسط، ويركز بشكل أساسي على مستقبله السياسي، بل ويخدم أعداء إسرائيل، خصوصا إيران التي يشجعها سلوك إدارة ترامب. فالولايات المتحدة الأميركية لم ترد على إسقاط طائرة بدون طيار تابعة لها على يد إيران في مضيق هرمز في حزيران/ يونيو الماضي، ولم ترد في 14 أيلول/سبتمبر على هجمات منشآت أرامكو النفطية في منطقة البقيع بالمملكة العربية السعودية. بل وسعى ترامب للوصول إلى لقاء مع الرئيس الإيراني بوساطة من الرئيس الفرنسي ومحاولة إقناعه بالحضور لطاولة المفاوضات. والآن يستسلم ترامب لإرادة الرئيس التركي إردوغان، ويسمح له بالشروع بشن عملية عسكرية في سوريا ضد الأكراد حلفاء الولايات المتحدة، على الرغم من نفي الرئيس ذاته وإعلانه بأنهم لن يتخلوا عن الأكراد.
كذلك هاجم ترامب من اعترضوا على قراره سحب قواته من شمال سوريا والتخلي عن حلفائه الأكراد قائلاً: “الأكراد لم يساعدوا الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية وإنزال نورماندي”، واتهم الأكراد بالقتال مع الأميركيين من أجل مصلحة أنانية.
في حين يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن إيران ستصبح الآن أكثر جرأة وعدوانية تجاه إسرائيل، على افتراض أن ترامب قد تم تحييده الآن بسبب الوضع السياسي في بلاده، وبات غير قادر على مساعدة إسرائيل في حال وقوع هجوم إيراني، كما تتصرف إيران بهذه الطريقة تجاه المملكة العربية السعودية ودول الخليج الآن.
كذلك فإن خطر امتلاك إيران للأسلحة النووية لم ينته، ولا يزال قائماً، وذلك عقب الإنسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، حيث جدد الإيرانيون عملية تخصيب اليورانيوم. هذا الأمر يعيد الخيار العسكري للواجهة في دوائر صنع القرار في إسرائيل، وبأن عليها أن تتصرف بمفردها ضد إيران لمنعها من الحصول على قنبلة نووية.
كما يشير هجوم إيران على المنشآت النفطية السعودية إلى أن إيران تواصل اتجاهها الجديد المتمثل في استخدام أدواتها ضد الولايات المتحدة وحلفائها، وذلك من خلال (المتمردون الحوثيون وحزب الله والحشد الشعبي إلخ ) بشكل محترف ومهني يحقق نتائج قرار المرشد الأعلى علي خامنئي.
فشلت قوة القدس في “الحرس الثوري” بقيادة اللواء قاسم سليماني حتى الآن في محاولاتها لضربنا إنطلاقاً من سوريا بواسطة النشطاء الشيعة هناك ونشطاء حزب الله، وبالتالي فإن لدى القيادة الإيرانية بالتأكيد خيار تنفيذ هجوم على إسرائيل. ويسعى إلى ذلك الحرس الثوري، تحت قيادة الجنرال أمير علي حاجي زادة بواسطة أحدث صواريخ كروز وطائرات بدون طيار متطورة في هجوم مماثل للهجوم الناجح على المنشآت النفطية السعودية.

المعضلات التي تتطلب اتخاذ قرار

تواجه إسرائيل قرارات صعبة، سيتعين عليها التعامل مع إيران وحدها ، وهناك أسئلة مهمة يجب الاجابة عليها:
أ. هل يجب أن نستمر في استهداف العراق وسوريا بحزم لمنع المؤسسة العسكرية الإيرانية في سوريا من نقل الأسلحة المتقدمة إلى حزب الله في لبنان؟
ب. هل سنستمر في مهاجمة معبر البوكمال الجديد على الحدود السورية العراقية، حيث أنشأ اللواء قاسم سليماني مجمعًا عسكريًا كبيرًا، ويستخدمه كجسر بري إيراني وذراع إمداد للأسلحة المتقدمة إلى سوريا وحزب الله في لبنان؟
الضربات المستمرة تعني أن إسرائيل تقع في الخطر أن يُشن ضدها هجوم إيراني باستخدام صواريخ كروز وطائرات بدون طيار على منشآتها الحيوية ، كما فعلت إيران في المملكة العربية السعودية أخيراً.
ج. وإلى معضلة أهم، بدأت إيران في تسريع عملية تخصيب اليورانيوم نحو الحصول على أسلحة نووية، فهل ستشرع إسرائيل في القيام بعمل عسكري ضد إيران يهدف إلى تأخير القصف؟
إسرائيل قوة عسكرية إقليمية قوية والإيرانيون يعرفونها جيدًا. إنهم يدركون أيضًا القوة العسكرية الهائلة لجيش الدفاع الإسرائيلي وذراعه الطويلة، وقد فقد الإيرانيون حاليًا الميزة المفاجئة لإسرائيل، وبدأت المستويات السياسية والأمنية في إسرائيل في استيعاب أهمية مهاجمة المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية، وبالتالي استخلاص الدروس المستفادة لإسرائيل وبسبب الخطر الإيراني قرر المستوى السياسي توفير ميزانيات ضخمة لتعزيز نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي بعد فهم خطورة صاروخ كروز الإيراني.
إن إيران حذرة ومتطورة وغير معنية بحرب إقليمية، ولكن تقوم بممارسة الضغط على الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، مثل السعودية وإسرائيل، للهروب من العقوبات القاسية التي فرضها الرئيس ترامب، حيث تعتقد إيران أن هذه السياسة والإجراءات التي تقوم بها من شأنها أن تردع الغرب ولكنها لن تؤدي إلى الحرب.

المعركة ضد المؤسسة العسكرية الإيرانية في سوريا

كما ذكرت، في ضوء تركيز ترامب على الساحة السياسية الأميركية، سيتعين على إسرائيل الاعتماد على ذاتها فقط في مواجهة التهديد الإيراني من سوريا، ومن المرجّح أن تواصل الولايات المتحدة تقديم الدعم الدبلوماسي لإسرائيل في الساحة الدولية فيما يتعلق بغاراتها الجوية على سوريا والعراق.
لا يمكن لإسرائيل أن تسمح لإيران بتأسيس خلايا عسكرية في سوريا وفتح جبهة جديدة من مرتفعات الجولان. قد تتجمد الغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا والعراق مؤقتًا إلى ما بعد عطلة الأعياد، ولكنها ستستأنف بعد ذلك مع أخذ جيش الدفاع الإسرائيلي تقييماته والدروس المستفادة من الهجوم الإيراني في المملكة العربية السعودية.
في هذه الأثناء، يواصل الإيرانيون الاستفادة من قضية محاولة اغتيال قاسم سليماني التي ينسبونها إلى إسرائيل والدول العربية.
أعلن دادخه سلاري، المدعي العام في كرمان، أن المشتبه بهم الثلاثة في خطة اغتيال الجنرال قاسم سليماني إيرانيون ووجهت إليهم تهم بـ “التآمر على الأمن والسعي للتخريب الداخلي بمساعدة وكالات الاستخبارات المعادية ودولية”.
وقال إن خطة اغتيال الجنرال سليماني دخلت “مرحلة تشغيلية” وتم اعتقال المشتبه بهم الشهر الماضي بعد مراقبتهم لمدة 6 أشهر.
خضع المشتبه بهم لتدريبات عسكرية وتم تزويدهم بالأسلحة والمتفجرات وأجهزة الاتصال اللاسلكي المهربة إلى إيران. وقال إن الغرض من الاغتيال هو إثارة الجدل الديني بين الشيعة والسنة وإثارة الحرب.
هذا هو الوقت، قد يكون فيه من المهم بالنسبة لإسرائيل أن تعود إلى سياسة الغموض والتكتيم التام على جميع أنشطتها العسكرية في سوريا والعراق، وحجب أي بيان رسمي حول هذه المسألة وسلب إيران أي ذريعة لتبرير هجومها علينا أمام المجتمع الدولي في حال شنت ضربات على الأراضي الإسرائيلية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: