ماذا ربحت إيران من عملية نبع السلام التركية في سوريا؟
كيف خدمت عملية نبع السلام التركية إيران؟
لا يبدو أن في الإدارة الإيرانية من هو منزعج حقا من العملية التركية في شمالي شرق سوريا، بغض النظر عن الموقف الرسمي الداعي لإنهاء تدخل أنقرة والتوجه نحو تسوية سياسية. فطهران من البداية كررت انها تتفهم القلق التركي، مع أن الرئيس الإيراني أكد الإثنين أن العملية التركية في سوريا لم تحقق أي نتيجة بل تسببت بمزيد من القتلى واللاجئين. مشيرا إلى أن “نبع السلام” ليست لصالح المنطقة والأكراد السوريين أو الحكومة السورية، مؤكدا أن الحل الأفضل هو انتشار الجيش السوري على الحدود مع تركيا.
مطلب روحاني لباه اتفاق الحكومة السورية مع الاکراد، لذلك فطهران تنظر إلى ما جرى على أنه انتصار حقیقي لرؤيتها، وهو أمر كانت تتكهن به بسبب الانسحاب الأميركي الذي دفع الأكراد للتفاوض مع دمشق بوساطة روسية، بدت بشكل أو بآخر متوقعة.
لذلك فما تسببت به عملية نبع السلام كان تأمين الظروف لتمكين الجيش السوري من الدخول إلى مناطق كان من المستحيل عليه دخولها في ظل السيطرة الأميركية – الكردية المشتركة، وبالتالي أضحى في موقف أقوى شرعيا ودوليا في مواجهة التدخل التركي من جهة، وكذلك فهو أضاف إلى المساحات التي أعادها إلى سيطرة الدولة قطعة وازنة من الجغرافيا السورية كانت في حكم المنفصلة.
الأمر الآخر هو أن أوراق دمشق الآن على طاوله المفاوضات أصبحت أكثر قوة وازدادت بشكل ملحوظ بعد بدء عملية نبع السلام وهو الأمر الذي سيكون له تأثيره الكبير في مرحلة التفاوض على الدستور الجديد، إذ أن الحكومة السورية اليوم باتت عادت لتمسد بحدودها مع العراق، وفي حال نجاح الانتشار على الحدود مع تركيا فهي ستضع اليد على منافذ حدودية لم يكن بإمكانها الوصول إليها.
من نتائج الأحداث الأخيرة يمكن الإشارة أيضا إلى احتواء التهديد بتقسيم سوريا وهو ما يعني لإيران وحلفائها أن سوريا ما بعد الحرب لن تتغير جغرافيتها وستكون كما كانت سابقا وهذا يعني أيضا أن الأكراد بات عليهم بعد صدمة الولايات المتحدة التي أصابتهم، بات عليهم ترتيب أوضاعهم مع النظام من خلال تفاهمات تسمح لهم بإدارة مناطقهم، كما أن خروجهم من المعادلة الإقليمية سيوفر الظروف لوساطة إيرانية روسية بين تركيا وسوريا، وهذا بحد ذاته هدف رئيس لطهران التي تريد أن تحفظ علاقتها مع أنقرة ودمشق.
كل ما سبق يشكل تعزيزا، من وجهة نظر إيران وكما ألمح الرئيس حسن روحاني، لآلية الأستانة التي تمكنت من الصمود وعبور طريق طويل لتصبح اليوم الأكثر تأثيرا في المشهد السوري سياسيا وميدانيا، رغم الضغط الأميركي والدولي، وهو ما يساعدها على تغيير خارطة الحرب مع الحفاظ على الخارطة الجغرافية دون إضافات أو نقصان، بأقل ثمن بشري. بالنسبة لطهران كما روسيا وتركيا، هذا في حد ذاته أنجاز يمكن البناء عليه للوصول إلى حل للأزمة السورية.