الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة5 أغسطس 2022 22:55
للمشاركة:

مذكرات شمران في لبنان 3: هكذا تأسست حركة أمل

يحضر الربط بين لبنان وإيران كثيراً في خطابات وأدبيّات وزير الدفاع الإيراني الأسبق مصطفى شمران، حيث يعمد دائماً للمقارنة بين واقع الشعبين، كما يلاحظ التأثر بين الساحتين اجتماعياً وسياسياً. ولعلّ ما يميّز تجربة الرجل عن باقي التجارب هو عمق اطلاعه على مجريات الأمور في هذين البلدين، حيث سمح له قربه من الثورة الإسلامية بقيادة روح الله الخميني في إيران من لعب دور أساسي هناك، كما أوصله التصاقه بالسيّد موسى الصدر إلى التبحّر في السياسة اللبنانية ودهاليزها.

وفي معرض حديثه عن فساد الطبقة السياسية اللبنانية في الحقبة التي عايشها، يمرّ شمران على العلاقة التي جمعت الرئيس اللبناني الأسبق كميل شمعون بالشاه محمد رضا بهلوي. وأثناء إيضاحه في إحدى كلماته لواقع الأحزاب اللبنانية، يقول شمران: “الحزب الليبرالي العلماني المعروف بحزب الأحرار الذي يرأسه كميل شمعون. كميل شمعون هذا يكون حليفاُ لإسرائيل والولايات المتحدة، كما أنه على علاقة مع الشاه الظالم الطاغوتي في إيران، حيث زاره مرات عدة في إيران وكانا يذهبان سوياً للصيد. وفي أيام الحرب السابقة، قام الشاه بتحويل أموال طائلة له بغية تمكينه ومساعدته أكثر فأكثر من القضاء على الشيعة وإبادتهم”.

ويروي شمران كيفية تأسيس “أفواج المقاومة اللبنانية”، ما عُرف لاحقاً بـ “حركة أمل”، بما كان له من دور أساسي في هذا التأسيس. وبحسب شمران، تأسس هذا التنظيم “عام 1974، حيث بدأ العمل على تدريب وإعداد الشيعة عسكرياً في منطقة بعلبك، هناك في سلسلة جبال لبنان الشرقية المحاذية لسوريا”. وارتكزت عملية التأسيس هذه، وفق شمران، على التنسيق مع مدرّبين عسكريين من الفصائل الفلسطينية الموجودة في لبنان.

ويتابع: “كان ياسر عرفات قد ذهب مرات عدة إلى مراكز التدريب أثناء حفل التخرّج لإخواننا وعناصرنا وألقى كلمة هناك. وكان هناك بعض المدرّبين والقادة الفلسطينيين قد استعنّا بهم في الأيام الأولى للقيام بمهمة تدريب وتأهيل عناصرنا في مراكزنا التدريبية. واليوم أصبح القادة والمدرربون من نفس شبابنا وإخواننا الذين تطوّر مستواهم وأداؤهم عن بادئ الأمر. لقد جاء المئات من خيرة الشبان الإيرانيين وتدرّبوا في معسكرات ومراكز التدريب في لبنان، وقبل ثلاث سنوات كان السفير الإيراني في لبنان منصور قدر جاسوساً ضد السيد موسى الصدر، حيث قام بالاعتراض وتقديم الشكاوى للحكومة اللبنانية بأنه يوجد نحو 180 إلى 200 شاب إيراني قد جاؤوا إلى لبنان ويتدرّبون في معسكرات حركة أمل في بعلبك، وقد ساهمت هذه المسألة بازدياد الحقد والضغينة والتشنيع من المسيحيين والدولة اللبنانية على السيد موسى الصدر”.

وإلى ذلك تشمل تجربة وزير الدفاع الإيراني الأسبق في لبنان الكثير من المحطات الحساسة، خاصة في المرحلة التي كان يقوم فيها الصدر بتحرّكات لتحصيل حقوق سياسية واجتماعية لصالح الطائفة الشيعية. حيث يرد في كتاب مذكرات شمران أنه في إحدى التحرّكات الشعبية التي عمل الصدر ورفاقه على تنظيمها في مدينة صور جنوب لبنان، قامت القوى الأمنية والجيش اللبناني بنشر المسامير على بعض الطرقات لمنع وصول المشاركين الآتين بالحافلات والسيارات للمشاركة في التحرّك. ولمواجهة هذه المشكلة من دون الاصطدام بالجيش، يذكر شمران أنه قام بنفسه بإحضار جرّار زراعي ووضع “في مقدمته مجموعة من أغصان الأشجار بحيث صارت كالمكنسة” من أجل تنظيف الشوارع.

وأكمل شمران: “وكنت أعرف أنّ قوات الجيش اللبناني ستلاحق هذا التراكتور وتوقفه عن إتمام عملية التنظيف، لذا قمت بوضع شخصين داخله، وكانا مسلّحين. وبينما كانا يقومان بعملية التنظيف التقيا بمجموعة من الجيش كانت منتشرة في المكان، فأوقفتهم واستدعاهم ضابط المجموعة وقام باستجواب السائق، فقال له: عرّف عن نفسك! فأجابه: أنا طالب من مدرسة جبل عامل المهنية. فقام الضابط بشتمه وإهانته وتوبيخه حيث قال له: من سمح لك بتنظيف هذه المسامير من الشوارع والطرقات؟ واستمرّ هذا الضابط في إهانته إلى أن وقف هؤلاء الشابان ووجها سلاحهما تجاهه وقالا له: بقاؤك هنا للحظة واحدة سيعرّضك مع مجموعتك للخطر. فتوقف هذا الضابط عن تصرّفاته على الفور واعتذر عما فعله. ثم تفرّقوا من أمامهم عندما أدركوا أن هؤلاء الشابين جادين في ما يقومان به وعرفوا أنهم سيتكبّدون الخسائر بحال أقدموا على مواجهتهم”.

مذكرات شمران في لبنان 1: “أنا الآتي من جبل عامل”

مذكرات شمران في لبنان 2: اندفاع للقتال و”استغلال” الأحزاب اليسارية للحرب

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: