سيناريوهات محتملة.. كيف حاصرت الطائرات الإسرائيلية كل الجغرافيا الإيرانية؟
في ساعة مبكرة من فجر الجمعة، استيقظ الإيرانيون على وقع انفجارات هائلة هزّت طهران، أصفهان، شيراز، الأهواز، تبريز، وقم، وصولًا إلى بندر عباس وبوشهر. هذه الانفجارات كانت ناجمة عن هجوم إسرائيل واسع، مستخدمة أسرابًا من المقاتلات والطائرات من دون طيار، في عملية وُصفت بأنها الأوسع من نوعها في تاريخ الصراع بين الدولتين.
ورغم كشف الجيش الإسرائيلي عن عملية للموساد أدت إلى تعطيل الدفاعات الجوية الإيرانية في الساعات الأولى من الهجوم، إلا أن سلاح الجو لعب الدور الأبرز في العملية.
لكن السؤال الذي يطرحه الخبراء العسكريون والمراقبون هو: كيف تمكنت إسرائيل من تنفيذ ضربات جوية دقيقة على معظم الجغرافيا الإيرانية الواسعة والمعقدة؟ ما هي المسارات الجوية التي سلكتها تلك الطائرات؟ وكم من الوقت استغرقت الضربة الكاملة؟ في هذا التقرير، نحاول تفكيك المشهد، جغرافيًا واستراتيجيًا، واضعين كل السيناريوهات ومدى إمكانية حصولها.
لإسرائيل حدود مباشرة مع لبنان وسوريا ومصر، لكنها لا تملك ممرًا مباشرًا إلى إيران. لذلك، يجب افتراض استخدام مزيج من المسارات الجوية المعقدة، التي تجمع بين الطيران المنخفض، تقنيات التخفي، والتنسيق الاستخباراتي الإقليمي.
- 1. المسار الأردني – العراقي: الشريان الأوسط
من المرجّح أن يكون المسار الجوي الرئيسي قد انطلق من الأجواء الإسرائيلية شرقًا، مرورًا بالمجال الجوي الأردني ثم العراقي، مستفيدًا من هشاشة الدفاعات الجوية العراقية، وخصوصًا في المناطق الغربية المفتوحة (الأنبار). هذا المسار يتيح للطائرات التحليق نحو العمق الإيراني (كرمانشاه، همدان، قُم) في غضون 90 إلى 120 دقيقة على أقصى تقدير.
وما يرجّح هذا السيناريو، هو الشكوى التي تقدمت بها بغداد إلى مجلس الأمن، استنكارًا لاستخدام إسرائيل لأجوائها لضرب الجمهورية الإسلامية.
- 2 . المسار الشمالي – أذربيجان أو جورجيا: البوابة القوقازية
وفق معلومات سابقة وتسريبات إعلامية، تحتفظ إسرائيل بعلاقات عسكرية واستخباراتية قوية مع أذربيجان. لا يُستبعد أن تكون بعض الطائرات قد انطلقت من قواعد سرية أو نقاط لوجستية في الأراضي الأذرية، أو حلّقت عبر جورجيا ثم بحر قزوين، وصولًا إلى شمال شرق إيران (مشهد، تبريز، رشت). هذا المسار يتيح تطويق إيران من الشمال، ويضرب مراكز حيوية قريبة من الحدود مع تركمانستان.
لكن لم تظهر أي مؤشرات لسماح هذين البلدين لإسرائيل بالقيام بهكذا خطوة، خصوصًا بعد تهديد طهران بأنها ستستهدف أي بلد سمح لإسرائيل باستخدام أرضه لضرب إيران.
وفي حال صحّ هذا السيناريو، فإن هذا المسار يسمح لإسرائيل بضرب تبريز في غضون 45 دقيقة.
- 3 – المسار الجنوبي – المياه الخليجية: عبر الإمارات أو المياه الدولية
هناك احتمال يُطرح عن انطلاق الطائرات من دون طيار والصواريخ والمقاتلات من منصات بحرية أو من تنسيق لوجستي عبر الخليج، سواء من سفن أو من دول متحالفة.
الإمارات والبحرين، اللتان تربطهما اتفاقيات أمنية مع إسرائيل، قد تكونان وفق هذا السينايو قدّمتا تسهيلات معلوماتية أو سمحتا بالتحليق المنخفض قرب المياه الإقليمية. الهدف من هذا المسار ضرب بوشهر، بندر عباس، والمنشآت النووية جنوبًا. وقد تحتاج المقاتلات إلى ساعة تقريبًا لتنفيذ عملياتها في إيران.
لكن هذا السيناريو من الصعب تأكيده خصوصًا وأن دول الخليج قد تحرص على نأي نفسها من هذا الصراع الحالي.
الضربة الشاملة
بخلاف ضربات سابقة كانت موضعية ومحدودة، اعتمدت إسرائيل هذه المرة ما يمكن تسميته “الضربة الكاملة”: تدمير البنية التحتية العسكرية والنوعية الإيرانية على أوسع نطاق ممكن، في أقصر وقت، لشلّ القدرة على الرد.
وهو ما يتماشى مع عقيدة “الصدمة والترويع”، القائمة على كثافة النيران وتزامن الضربات في مختلف الجبهات، بما يُفقد الخصم القدرة على الاستيعاب أو الرد السريع.
في المقابل، أعلن الجيش الإيراني عن إطلاق مضادات جوية واسعة، واعتراض عدد من الطائرات والصواريخ، بينما تحدثت قنوات مقربة من الحرس عن ردّ قادم “بمستوى غير مسبوق”، وهو ما حصل بعد ساعات، حيث انهمرت الصواريخ الإيرانية على تل أبيب.
مع “إيران… ٤٦ عامًا على المحك”. اضغط هنا لمتابعة تغطية “الجادة” لمجريات الحرب الإسرائيلية- الإيرانية

