قوة التفاوض: كتاب وزير خارجية إيران باكورة اصدارات دار هاشم
أعلنت "دار هاشم" للنشر التي تأسست حديثًا في بيروت عن باكورة اصداراتها المتمثل في كتاب "قوة التفاوض" لوزير خارجية إيران عباس عراقجي. وكشفت الدار عبر حسابها على منصة "انستغرام" عن اسم ومؤلف الكتاب، مدونة في منشور عدة سطور توضح السيرة الذاتية للمؤلف الذي برز دوره في مفاوضات دولية معقدة قبل أن يصبح وزيرًا لخارجية "الجمهورية الإسلامية".

ويأتي الكشف عن النسخة العربية لهذا الكتاب الصادر بالفارسية العام الماضي في ظل الشد والجذب المتواصل بين الولايات المتحدة وإيران حول الجلوس إلى طاولة المفاوضات، حيث لا تزال المؤشرات في الظاهر تشي أن حدوث هذا الأمر في المدى المنظور مستبعد قليلًا. ويمكن أن يعود السبب في ذلك إلى اعتقاد ترامب وطهران أن جعبتهما لا زالت تزخر بالعديد من الخيارات التي لم تستخدم بعد وأن إتاحة الوقت لتجريبها قد يحسن الشروط التفاوضية. بمعنى أن الأمور لم تصل إلى مرحلة يسميها وزير الخارجية الإيراني في هذا الكتاب بـ “نقطة البلوغ”. تلك النقطة التي يعرفها عراقجي بـ “اللحظة التي يقتنع فيها طرفي المفاوضات أن خياراتهما المستخدمة ضد بعضهما البعض لم تجبر أي منهما على الرضوخ والتراجع”.
كتاب عراقجي الذي تتجه “دار هاشم” لإصدار نسخته العربية يتألف من ستة فصول هي “ماهية المفاوضات السياسية ومفهومها، أنواع المفاوضات السياسية، المفاوضات السياسية والقوة الوطنية، مهارات ومراحل المفاوضات السياسية ومتطلباتها، المفاوض- الدبلوماسي، و مساومة البازار.. نهج إيران التفاوضي”.
ويصلح الكتاب الصادر بالفارسية عن مؤسسة “اطلاعات” للنشر، حسب المختصين كمرجع أكاديمي للراغبين بتعلم فنون وفهم أبعاد المفاوضات السياسية، حيث عززه وزير الخارجية الإيراني بدراسة حالة مفاوضات إيران مع مجموعة الـ5+1 التي انتهت عام 2015 بالتوقيع على الاتفاق النووي بين إيران والمجموعة الدولية. ويكشف عراقجي الذي كان كبير المفاوضين النووين أنذاك العديد من الأحداث التي دارت في أروقة المفاوضات، لعل أبرز ما قدمه في هذا السياق روايته عن اللحظة التي بكت فيها كبيرة المفاوضين الأميركيين ويندي شيرمن، وذلك بعد سنوات من عرض هذه الأخيرة لروايتها عن الحادثة.
أما عند الخوض في الفنون والقواعد التفاوضية الإيرانية، يسعى رئيس الجهاز الدبلوماسي الإيراني إلى توصيل أفكاره من خلال قصص عايشها في حياته، خاصة ما كان منها في “البازار الإيراني”، إذ يتضح من الأحداث التي سردها في الكتاب أنها انعكست على شخصيته وهو القادم من عائلة مشهورة بتجارة السجاد. في هذا السياق، يروي عراقجي أن والده أخبره بقصة مفادها أن “بائع خرج من متجره لغرض ما، وفي ذات الوقت جاء أحد الزبائن، فلم يستطع عامل المتجر تلبية رغبات الزبون. وعندما عاد وعلم بأن الزبون خرج، أمسك وزنة الميزاان، وكسر ساقه حتى لا يغادر المحل مرة أخرى”. بناءًا على تلك القصة، يشرح الوزير الإيراني القواعد والأصول التي تُوصي طهران بها دبلوماسييها في مختلف المحافل السياسية الدولية.
في الخلاصة، يمكن القول إنه على الرغم من دخول كتاب “قوة التفاوض” للأسواق الإيرانية قبل أشهر قليلة من وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي وحدوث التغيير السياسي الذي قاد لتولي عراقجي مسؤولية وزارة الخارجية، إلا أنه يعكس حقيقة الفكر التفاوضي لدى الوزير، لذا فإن الإطلاع عليه جدير بالأهمية لكل من يريد أن يشكل تصورًا ذهنيًا عن العقل الإيراني الذي قد يفاوض الرئيس الأميركي دونالد ترامب.