هل تغيّر التحوّلات الإقليمية قواعد اللعبة لصالح إيران؟
في ظل التطوّرات المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط، شهدت الساحة الاقليمية تغييرات جذرية أثّرت على موازين القوى والتحالفات، كان من أبرزها سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في كانون الثاني/ ديسمبر 2024، مما أدى إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية وتقليص نفوذ إيران في سوريا.
بالإضافة إلى ذلك، فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقوبات اقتصادية صارمة على طهران، مما زاد من التحديات التي تواجه الأخيرة، وفي الوقت نفسه، أسفرت المحادثات الروسية – الأميركبة التي عُقدت في الرياض عن تقارب بين الطرفين، مما قد يؤثر علاقات إيران بروسيا والصين.
ورغم هذه التحديات، تسعى إيران إلى إعادة تموضع استراتيجي في المنطقة، مستفيدةً من التحوّلات الجارية لتعزيز نفوذها الإقليمي.
وفي هذا السياق أكد الباحث في شؤون الشرق الأوسط محمد خواجوئي أنّ التطوّرات الأخيرة تعكس استمرار نفوذ إيران الإقليمي، رغم محاولات بعض القوى الإيحاء بتراجع دورها، خاصة في أعقاب المستجدّات في سوريا.
وفي مقال له في صحيفة “ايران” الحكومية، أضاف خواجوني أنّ زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى طهران جاءت في وقت تحاول فيه بعض القوى الإقليمية والدولية التشكيك في موقع إيران ضمن المعادلة الإقليمية، إلا أنّ هذه الزيارة دحضت تلك المزاعم، وأكدت أنّ طهران لا تزال لاعبًا رئيسيًا في المنطقة، خصوصًا في إطار ما يعرف بـ”محور المقاومة”.
ولفت الباحث إلى أنّ التحديات التي واجهها محور المقاومة، مثل الضغوط على حركة “حماس” وحزب الله وسقوط حكومة الأسد، لم تؤدِّ إلى انحساره بشكل نهائي، وذلك بسبب الطبيعة المتغيّرة والمتحرّكة لسياسات المنطقة، معتبرًا أنّ إسرائيل – من خلال سياساتها التصعيدية تجاه دول المنطقة – إلى جانب المواقف العدائية لإدارة ترامب تجاه غزة – دفعت الرأي العام العربي – خاصة في لبنان وفلسطين – إلى تعزيز التوجّه نحو المقاومة، التي باتت الخيار الوحيد لمواجهة السياسات الإسرائيلية والأميركية المتطرّفة.
وشدّد خواجوئي على أنّ السياسات الأميركية والإسرائيلية في المنطقة – بدلًا من إضعاف فصائل المقاومة – ساهمت في تعزيز دورها، خاصة أنها تمتلك قاعدة شعبية واسعة قادرة على استعادة قوتها حتى بعد تلقّي ضربات أمنية أو عسكرية، مضيفًا أنّ هذه الفصائل لا يمكن القضاء عليها بمجرّد استهدافها عسكريًا، نظرًا لأنّ دعمها الشعبي يشكل عاملاً أساسيًا في بقائها واستمرارها.
ونوّه خواجوئي إلى أنّ استمرار التوترات الإقليمية، وسياسات الولايات المتحدة وإسرائيل التي تولّد حالة من عدم الاستقرار، تدلّ على أنّ فكر المقاومة لن يختفي، بل سيظلّ مطروحًا كضرورة استراتيجية في المنطقة.
وقال خواجوئي إنّ إيران – رغم الضغوط التي تعرّضت لها – لم تُظهر أي إشارات على تغيير جوهري في سياستها الإقليمية، ولا تزال الداعم الأساسي لمحور المقاومة، حيث تسعى لإعادة بناء تحالفاتها الإقليمية وتعزيز موقعها، مستفيدةً من التطوّرات الحاصلة في المنطقة.
وختم الباحث بأنّ التحرّكات السياسية الأخيرة في الشرق الأوسط، والتغيّرات في مواقف بعض الدول، خلقت فرصًا جديدة لإيران لمواصلة لعب دور مؤثر في القضايا الإقليمية، مشيرًا إلى أنّ هناك إشارات واضحة من سوريا تفيد برغبتها في توسيع التعاون مع إيران في المجال الأمني والسياسي، مما يعزّز نفوذ طهران في المستقبل القريب.