محضر اجتماع بين بوتين وروحاني: متى تخلّى الروس عن بشار الأسد؟
نشرت مجلة "آگاهی نو" في عددها الـ15 الصادر مؤخّرًل نصّ المفاوضات بين الرئيسين الإيراني السابق حسن روحاني والروسي فلاديمير بوتين عن حول سوريا في العام 2014، وهذا أبرز ما جاء فيه:
في 13 أيلول/ سبتمبر 2014، سافر حسن روحاني الذي كان قد تولى مؤخّرًا رئاسة الجمهورية في إيران، إلى بيشكك، عاصمة قرغيزستان، للمشاركة في قمّة منظمة شنغهاي للتعاون (المحور الجديد للشرق الذي تقوده روسيا والصين). وفي هذا اليوم، التقى روحاني لأوّل مرة كرئيس لإيران مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
تأخير اللقاء وموقف روحاني
بدأ اللقاء بين الرئيسين بعد تأخير دام أربعين دقيقة، وهو تقليد معروف عن بوتين لإبقاء قادة العالم في الانتظار، لكنّ روحاني كان مدركًا لهذا الأسلوب، لذا لم يذهب إلى مكان الاجتماع، بل بقي في مقرّ إقامته وطلب إبلاغه فور جاهزية بوتين حتى يصلا إلى غرفة الاجتماع في نفس الوقت. وبعد اجتماع طويل استمر لمدة ساعة وعشرين دقيقة، حاول بوتين تعويض التأخير بمرافقة روحاني إلى سيارته لوداعه.
تفاصيل الحوار عن سوريا
كانت الـ20 دقيقة الأولى من اللقاء مفتوحة وبمشاركة مسؤولي البلدين، ثم استمرّ اللقاء ثنائيًا بين الرئيسين لمدّة ساعة. وفي ختام اللقاء، وبعد مناقشة القضايا النووية، تطرّق الرئيسان إلى الملف السوري.
- سأل روحاني بوتين: “ماذا تنوي أن تفعل في سوريا”؟
- أجاب بوتين بنبرة متردّدة: “هل تعتقد بأنه يمكن الإبقاء على الأسد”؟
- رد روحاني: “نعم، يمكن ذلك، ولكن مع بعض الإصلاحات”.
- تساءل بوتين: “كيف”؟
- أجاب روحاني:
“سوريا بلد طائفي، والانقسام الرئيسي هناك بين العلويين والسنّة، في حين أنّ الكرد يواجهون الحكومات المتطرّفة، سواء السنية أو الحركات السلفية الراديكالية، وأبرزها الإخوان المسلمون في سوريا، (الذين يختلفون عن إخوان مصر في كونهم متطرّفين). العلويون يميلون إلى العيش تحت سلطة نظام علماني، ولديهم سيطرة على الجيش، كما أنهم يتعاملون بمرونة مع المسيحيين. حزب البعث السوري أيضًا علماني، ولا يتدخّل في الحرّيات الاجتماعية للشعب. في هذه الظروف، الأسد هو الوحيد القادر على الحفاظ على وحدة سوريا، ولا يوجد له بديل. لقد حاولنا إيجاد بديل، وكذلك الفرنسيون والبريطانيون وحتى أنتم الروس، لكن لا أحد وجد بديلًا مناسبًا”.
أصرّ بوتين على موقفه:
- “من المستبعد أن يبقى الأسد في الحكم”.
لكنّ روحاني كرّر سؤاله: - “إذًا، من هو البديل؟ الجيش لا يطيع سوى الأسد”.
عند هذه النقطة، أدلى بوتين بتصريح مهم: - “وماذا لو تم استهداف الأسد”؟
فردّ روحاني بوضوح: - “سوريا ستنهار، ويجب حمايته”.
أجاب بوتين: - “ليس لدي أي مشكلة في توفير السلاح للأسد”.
فقال روحاني: - “الدعم العسكري وحده لا يكفي، بل يحتاج إلى دعم سياسي أيضًا”.
في النهاية، اتفق الرئيسان، بناءً على اقتراح بوتين، على تعيين ممثلين خاصين لشؤون سوريا، لوضع خطة مستقبلية للأسد.
مفاجأة بوتين لروحاني
لكنّ بوتين لم يترك روحاني بسهولة، بل أمسك بيده ورافقه حتى سيارته، فقد كان يعرفه منذ أن كان كلاهما أمينًا لمجلس الأمن القومي في بلديهما. وعندما همّ روحاني بركوب السيارة، همس بوتين في أذنه:
- “جهّزتُ سفينة في البحر المتوسط وطائرة في قواعدنا، كي يتمكّن الأسد من القدوم إلى موسكو في حالة الطوارئ”.
هذا التصريح صدم روحاني، إذ بدا أنّ بوتين قلق جدًا بشأن سقوط الأسد لدرجة أنه جهّز خطة هروبه، لكنه لم يُظهر دهشته أمام بوتين، لأنه لم يكن متأكدًا مما إذا كان هذا القلق حقيقيًا أم مجرّد حيلة للتخلي عن الأسد لاحقًا.
عند السيارة، همس روحاني في أذن بوتين قائلًا: - “هذه خطوة جيدة، لكن لا تدع الأسد يعرف ذلك. يجب أن يعتقد بأنه لا خيار أمامه سوى المقاومة”.
الشكوك الروسية والتفاهم مع الولايات المتحدة
طرح بوتين سؤالًا مهمًا يعكس شكوكه العميقة عن دعم الأسد، وربما يكشف عن مفاوضات سرية بين روسيا والولايات المتحدة بشأن سوريا:
- “لماذا تكره الولايات المتحدة بشار الأسد إلى هذا الحد”؟
أجاب روحاني:
- “لأنّ الولايات المتحدة تريد شخصًا خاضعًا لها في دمشق، والأسد لا يمكن لواشنطن أن تثق به”.
التداعيات في طهران
بعد عودة روحاني إلى طهران، تم تحليل تصريحات بوتين على أعلى المستويات الاستراتيجية، وأقوى احتمال تم طرحه هو أنّ هناك تفاهمًا بين روسيا والولايات المتحدة على ضرورة رحيل الأسد. بناءً على ذلك، قرّرت إيران عدم القبول بموقف استراتيجي منفرد في القضية السورية، بل التفكير في خيارات متعدّدة.
كان رأي الرئيس الإيراني حينها أنه ينبغي وضع جدول زمني لحل الأزمة السورية، مع تحديد مدة سنتين كحد أقصى لتحقيق السلام والإصلاحات، لكنّ الأزمة استمرّت لأكثر من عقد من الزمن.