الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة25 يناير 2025 15:52
للمشاركة:

دعوة محلية لاعتقال ظريف بعد عودته من دافوس.. ما هي الخلفيات؟

تسبّب حضور نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف في مؤتمر دافوس وتصريحاته عن السياسة الخارجية الإيرانية والرئيس الأميركي دونالد والمرشح في الانتخابات الرئاسة الإيرانية السابقة سعيد جليلي والحجاب بأن يصبح اسمه أحد أهم "الترندات" باللغة الفارسية على منصة "اكس" بعد فترة طويلة، بأكثر من 26 ألف تغريدة وإعادة تغريد.

وتشير البيانات في هذا الإطار إلى أن الفضاء الفارسي على منصة “اكس” كان ضد ظريف بشدّة، ومن بين هؤلاء، قام المستخدمون المناهضون للجمهورية الإسلامية بنشر محتوى مناهض لنائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية.

وأطلق أمين عام مجلس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في طهران روح الله مؤمن حملة للمطالبة باعتقال ظريف فور عودته من سويسرا بعد انتهاء مشاركته في منتدى الاقتصاد العالمي.

ولكن ماذا قال ظريف حتى يتعرّض لكل هذا الهجوم؟

أجرى ظريف مقابلة مع الإعلامي فريد زكريا في مؤتمر دافوس تطرّق فيها لقضية الحجاب في إيران، حيث قال: “حكومة الرئيس مسعود بزشكيان قررت عدم الضغط على النساء بشأن الحجاب”، معتبرًا ذلك “خطوة إيجابية”.

وأضاف: “إذا مشيت في شوارع طهران، سترى أنّ بعض النساء لا يرتدين الحجاب، وعلى الرغم من كون هذا العمل غير قانوني، فقد قرّرت الحكومة عدم الضغط عليهن”.

وأشاد ظريف بتلك الخطوة بقوله: “يجب أن أقول إنّ ذلك تم بجهود بزشكيان وبموافقة كبار المسؤولين في إيران”.

وفي سياق حديثه عن التنوع ووجهات النظر المختلفة داخل إيران أوضح ظريف أنه لو أصبح سعيد جليلي رئيسًا للجمهورية بدلًا من مسعود بزشكيان، لكان من الممكن أن تشهد المنطقة حربًا كبيرة.

وأكد ظريف أنّ المجموعات شبه العسكرية في المنطقة لم تعمل أبدًا نيابة عن إيران: “نحن ندعم حقوق الشعوب وحقّها في تقرير المصير، لكنّ المقاومة الفلسطينية واللبنانية لم تعمل أبدًا بأوامر من إيران”. واستفاض نائب الرئيس الإيراني شارحًا عن حماس: “هؤلاء عملوا دائما من أجل قضيتهم الخاصة حتى على حسابنا. إنهم لاينفذون أوامرنا”.  كما كرر مجددًا أن “إيران لم تكن تعرف عن عملية 7 أكتوبر. في الحقيقة، كان من المفترض أن نعقد في 9 أكتوبر لقاءً مع الأميركيين لإعادة إحياء الاتفاق النووي”.

‌ظريف بين دفاع وهجوم

فی ردّ دفاعي عن ظریف، نشرت صحيفة “شرق” في عددها الخميس الماضي تقريرًا تناولت فيه آراء الخبراء في مسألة حضور إيران للمنتدى وتصريحات ظريف خلال لقائه، وجاء في التقرير: “أكد الأستاذ في جامعة طهران الدكتور ساسان كريمي، والذي يشارك حاليًا في منتدى دافوس، أنّ التيارات الأصولية والمعارضة الخارجية لا ترى أي مصلحة لها في التفاوض أو التفاعل أو الدبلوماسية أو تحسين العلاقات مع إيران، ولذلك فهي تعارض بشدةٍ أي حوار، سواء من خلال مفاوضات وزارة الخارجية أو مشاركة ممثّلي الجمهورية الإيرانية في اجتماعات مثل منتدى دافوس، وتشنّ هجمات واسعة ضدها”.

وأردفت الصحيفة: “في السياق ذاته، أوضح المحلل السياسي علي نصري أسباب الهجمات الأخيرة على حضور محمد جواد ظريف في منتدى دافوس، سواء من الأصوليين المحليين أو المعارضة الخارجية، قائلًا: إنّ الدكتور ظريف يقدّم رواية عن إيران تراها التيارات الداخلية والخارجية – لأسباب وأهداف مختلفة تمامًا – تهديدًا لمصالحها. وبالتالي، من الطبيعي أن يشعروا بالقلق من حضوره في دافوس. وأضاف أنّ رواية الدكتور ظريف تقدّم إيران كدولة قوية وموثوقة لا تخشى التفاوض مع القوى العالمية”.

كما أوضح نصري أنّ منتدى دافوس يشكل فرصة ذهبية لظريف لتفنيد الأفكار الخاطئة، ودحض الروايات الكاذبة، ووقف الحملات المغرضة التي تهدف إلى تحويل إيران إلى دولة أمنية ودفعها نحو العزلة وزيادة التوتّرات العسكرية، كما يمكن لهذا المنتدى برأيه أن يعكس الرواية الأقرب للواقع عن مكانة إيران في المنطقة والعالم، مما يعزز فرص السلام والاستقرار.

على الجانب الآخر، انتقدت صحيفة “كيهان” في عدد الخميس تصريحات ظريف خلال المنتدى، وقالت: “أثار ظريف، الذي يشغل منصب نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية بشكل غير قانوني وفقًا للقوانين الإيرانية – مجدّدًا – الجدل خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، ففي مقابلة مع الإعلامي فريد زكريا، أشار ظريف إلى محاولات داخلية للإطاحة به، وضمن ذلك مزاعم عن جنسية أبنائه المولودين في الولايات المتحدة، مدافعًا عن قانونية هذا الأمر، لكنه لم يكتفِ بذلك، بل انتقد شخصيات سياسية إيرانية علنًا، مثل سعيد جليلي، زاعمًا إنّ وجوده بدلًا من الرئيس الحالي مسعود بزشكيان كان سيؤدي إلى إشعال حروب كبيرة في المنطقة”.

وأكمل التقرير: “كذلك لم يتردّد ظريف في مهاجمة المقاومة الفلسطينية واللبنانية، متهمًا إياها بأنها لم تعمل لصالح إيران، بل عرقلت جهود إعادة إحياء الاتفاق النووي، مما يعكس وجهة نظره التي تعتبر الاتفاق معيارًا للنجاح حتى على حساب قضايا أخرى. وفي الوقت ذاته، قدم سردًا عن فترة الإدارة الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيرا إلى وجود فرصة للتفاهم معه لولا تأثير مستشاريه، مثل جون بولتون ومايك بومبيو”. 

وأردف التقرير: “إضافةً إلى ذلك، تعرّض ظريف للانتقاد بسبب تفسيره الخاص للقوانين المحلية، حيث دافع عن تعيينه في منصب نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية رغم اعتراض البرلمان الإيراني ورئيسه محمد باقر قاليباف، معتبرًا أنّ الخلاف بشأن قانونية تعيينه هو مجرّد اختلاف في التفسيرات. هذه التصريحات عززت الاتهامات بتماديه في تجاوز القوانين وتحدّي سلطة المؤسّسات الحاكمة، وهو ما وصفه البعض بأنه محاولة لتبرير ممارسات غير قانونية”.

وخلص التقرير إلى أنّ تصرّفات ظريف على الساحة الدولية ليست جديدة، حيث استخدم في مناسبات عديدة منابر خارجية للهجوم على خصومه من السياسيين الداخليين، كما حدث في لقاء سابق مع محمد البرادعي عام 2005، عندما تحدث عن تأثير الانتخابات الرئاسية الإيرانية على المفاوضات النووية.

وختم التقرير بأنّ تكرار هذه السلوكيات من ظريف، سواء عبر تقديم القضايا الداخلية كوسيلة للهجوم على منافسيه أو عبر تبنّيه مواقف تثير الجدل حول السياسة الخارجية لإيران، أدى إلى تداعيات سلبية، حيث زاد من جهة الانقسامات الداخلية، ومن جهة أخرى، منح الأطراف الخارجية فرصة لاستغلال الخلافات الإيرانية على المستوى الدولي، مما أضعف صورة إيران ووحدتها في مواجهة التحديات. 

وعلى خطاها، كتبت صحيفة “جوان” الأصولية: “حمل ظريف معه دعاواه وأحقاده ضد خصومه الداخليين إلى دافوس، وهناك تغنّى أمام الأعداء بنغمة نشاز عن الخلافات الداخلية والصراع على المناصب، في خسارة صعبة لن تُعوّضها كلمات ولا تصريحات مصحّحة. إنّ هذا النوع من التصريحات يخالف أمن إيران ويفتح المجال أمام الأعداء. لطالما التصق وصف المتطرّف بخصوم ظريف، وهو وصف يحظى بقبول في الخارج، بينما يبدو أن ظريف يكنُّ ولاءً وودًّا للخارج أكثر من الداخل، لكنّ الحقيقة أن لا أحد أكثر تطرّفًا من ظريف. لا فرق بينه وبين أحمدي نجاد من حيث الخسائر التي يتسبّبان بها عبر خطاباتهما”.

وأكمل التقرير: “كان الأجدر بظريف التحلّط ببعض الإبداع في صياغة أكاذيبه ونسب التهم إلى خصومه الذين حازوا 13 مليون صوت من الشعب الإيراني. إنه يكرر نفس مزاعم رئيسه السابق، الذي ادعى إنّ الخصوم سيبنون جدرانًا في شوارع طهران إذا وصلوا للحكم. فظريف، الذي يُعدُّ أكبر كذّابٍ في الحكومة، استغلّ منصبه ضد الدين والشعب والوطن، وكرّر أكذوبته الدائمة بأنّ وجود خصمه بدلًا من بزشكيان كان سيؤدي إلى اندلاع حرب كبرى في المنطقة، والسؤال هنا: هل لديكم أصلًا القدرة على الإدارة أو التأثير في أمور الحرب والسلام لتضعوا الابتعاد عن الحرب ضمن إنجازاتكم”.

وتابعت الصحيفة: “السؤال الجاد الذي يطرح نفسه: لماذا يجب على إيران وشعبها دفع ثمن أحقاد ظريف التي يُفرغها على المنصات الأجنبية؟ أن يقول ظريف إنّ غيابه كان سيؤدي إلى الحرب وعدم الأمان الداخلي، وإنه هو فقط من يملك الجرأة للمشي في الشوارع. كيف يتوافق هذا مع دعوات الرئيس إلى الوحدة والتآلف ونبذ الأحقاد؟ لقد قضيتم سنوات في الحكومة، وكانت النتيجة الوحيدة التي تركتموها هي تعميق الانقسامات، وتشجيع الأعداء الخارجيين على استغلال ضعف إيران وإفقار الشعب. خلال السنوات الثماني التي كنت فيها وزير الخارجية، دمّرتَ الاقتصاد، وحتى الأمس أشار قائد الثورة إلى هذا التراجع الاقتصادي في العقد التسعينات كتأكيد على هذه الحقيقة”.

التعبئة الطلابية: يجب إقالة ظريف

بدورها نقلت وكالة “تسنيم” الإخبارية الخميس خبرًا يفيد بأنّ عددًا من مكاتب التعبئة الطلابية “الباسيج” في جامعات طهران التابعة لقوات التعبئة التي تقع تحت الهيكل التنظيمي للحرس الثوري كان له ردود فعل سلبية بشأن حضور ظريف وكلماته في منتدى دافوس، الأمر الذي ظهر عبر منشورات على صفحات هذه المكاتب على وسائل التواصل الاجتماعي.

وجاء على الموقع الرسمي للتعبئة الطلابية في جامعة طهران الخميس: “يا سيد ظريف! أنت شخص في منصب غير قانوني في الحكومة، ولا تملك الصلاحية لتمثيل الجمهورية الإيرانية في منتدى دولي، فضلًا عن استخدام منبر خارجي لتصفية حساباتك الشخصية والحزبية، لقد انتهت الانتخابات، الآن هو وقت المساءلة”.

كما أصدر مكتب التعبئة الطلابية في جامعة العلامة طباطبائي رسالة يخاطب فيها رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إيجئي جاء فيها: “يا سيد إيجئي، هل أنت مستيقظ؟ لقد مرّت أشهر على تعيين غير قانوني لشخص يجلس على مقعد مهم في الجمهورية الإيرانية، وذهب لتمثيل إيران في منتدى دافوس، وأرسل رسالة ضعف وتسوية عبر استخدام السياسة الداخلية لمصلحته الشخصية. ومن جهة أخرى، يتّهم مدير منظمة الخصخصة الحالي بإحداث خلل في النظام الاقتصادي للبلاد. مَنْ المسؤول عن هذا الوضع في دولة حماية القانون”؟

كذلك صرّحت التعبئة الطلابية في جامعة شريف الصناعية في تغريدة على حسابه الرسمي عبر منصة “إكس”: “بينما يتحدث رئيس الجمهورية عن تجنّب الخلافات التي تُفرح الأعداء، بأي منطق سياسي يتحدث معاونه الاستراتيجي بشكل أخرق عن قضايا داخلية في محفل دولي. إنَ إقالة المساعد غير القانوني المثير للجدل هي الرد الوحيد المناسب على هذا الانتقاص من الكرامة الوطنية، وهي في المقام الأول لصالح الحكومة نفسها”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: