الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة16 يناير 2025 14:01
للمشاركة:

في حربها على غزة.. من دعم إسرائيل؟

على جريِ عادتها، ارتكزت إسرائيل في حربها الأخيرة على غزة دعم متعدد الأوجه من حلفاء قدماء وجدد، فوصلت التضامن المعنوي بالتغطية الإعلامية والمواقف السياسية، وصولًا إلى شحنات السلاح التي تعود للتدفّق كلّ بضعة أشهر لتعوّض نقص الذخيرة المنهمرة في الطائرات والمدفعية.

سريعًا، استغلّت إسرائيل عدد المستوطنين المدنيين الذين سقطوا في عملية طوفان الأقصى التي شنّتها الفصائل الفلسطينية مباغتةً الجيش الإسرائيلي في ثكناته، مما أسفر عن مقتل مئات المستوطنين المدنيين، قبل أن تُظهر تحقيقات الإعلام العبري نفسه أنّ المتسبب بسقوط هذا العدد من القتلى كان بشكل رئيسي صواريخ مصدرها سلاح الجو الإسرائيلي وجنود وضباط وإسرائيليون طبّقوا مبدأ هنيبعل.

لكنّ هذه التحقيقات لم تستطع أن تغيّر المشهد الذي رسمته إسرائيل في البداية، ولم يستطع إن يمحي أخبارًا عن اغتصاب نساء وصورًا قيل إنها لجثث أطفال محترقة، قبل أن يتبيّن أنّ بعضها كان مفبركًا بالذكاء الاصطناعي، فتعاطف العالم مع إسرائيل، وعادت الاتهامات لحركة حماس وحلفائها من الفصائل بالإرهاب، وأُعيد التذكير بالمحرقة اليهودية في أوروبا ليحمل وزرها الفلسطينيون وليجد الغرب نفسه مجدّدًا مضطرًّا للدفاع الشرس عن إسرائيل.

تهافت كبار المسؤولين الغربيين، على رأسهم الرئيس الأميركي جو بايدن، للتعبير عن وقوفهم بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو وحكومته. تضامن قادة الغرب كان واضحًا، لكنّ مسارعة بايدن للتصديق على الرواية الإسرائيلية عن مسؤولية الفصائل الفلسطينية عن مجزرة وقعت في إحدى المستشفيات في غزة كانت إسرائيل قد هددت قبل وقت قليل من المجزرة بضرورة إخلائه، كان مُذهلًا لناحية الدفاع المستميت عن إسرائيل.

صحيح أنّ الحرب شهدت انتقادات لتل أبيب بشأن سياستها المتعلّقة بالسماح بدخول المساعدات من الولايات المتحدة والإعلام الأميركي، لكنّ صفقات السلاح المحرّرة من الكونغرس والرئيس الأميركي بقيت تزوّد إسرائيل بقدرتها على مواصلة الحرب، حتى أنّ بعض المساعدات استندت بها الإدارة الأميركية إلى قوات. الطوارئ لتجاوز موافق الكونغرس، وشملت المساعدات العسكرية المقدمة قنابل ثقيلة لسلاح الجو، مركبات مدرّعة، مقالات F-35 وF-15 Al، ذخائر مدفعية ومروحيّات “أباتشي”.

كما حافظت واشنطن على دعمها أسلوبها المعروف بدعم إسرائيل سياسيًا، حيث استعملت حق النقض في مجلس الأمن تدين إسرائيل أو تفرض وقف الحرب من دون شروط تل أبيب، فضلًا عن إقرار مجلس النواب الأميركي مؤخّرًا عقوبات على مسؤولين في محكمة العدل الدولية التي أصدرت مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاع يوآف غالانت، وذلك بهدف الضغط على المحكمة من أجل عدم متابعة تنفيذ مذكرات التوقيف.

وقدّمت بريطانيا أيضًا حزمًا عسكرية لإسرائيل شملت طائرات بوسايدون P8، تجهيزات للمراقبة، سفينتين تابعتين للبحرية الملكية وثلاث مروحيات ميلين.

أما فرنسا، فكان لديها أشكال أخرى من الدعم لإسرائيل، حيث منعت على سبيل المثال مواطنيها من تنظيم احتجاجات سلمية دعمًا للشعب الفلسطيني.

مشاكل إسرائيل في هذه الحرب، نتيجة الهجوم الكبير، لم يكن بالإمكان حلها عسكريًا فقط، ففتحت الإمارات جسرًا برّيًا يمرّ عبر السعودية فالأردن، وفق صحيفة “معاريف” الإسرائيلية.

وكشفت الصحيف عن توقيع شركة “تراكنت” الإسرائيلية اتفاقية مع شركة “بيورترانز” الإماراتية للخدمات اللوجستية ليبدأ تسيير الشاحنات بالبضائع من ميناء دبي مرورًا بالأراضي السعودية ثم الأردنية، وصولًا إلى ميناء حيفا. وقال المدير التنفيذي لشركة “تراكنت” إنّ الخط الجديد سيوفّر أكثر من 80% من تكلفة نقل البضائع عبر الطريق البحري!

بدورها رفضت المجر الالتزام بالقبض على نتنياهو امتثالًا لمذكرة التوقيف الصادرة عن محكمة العدل الدولية، حيث أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إنه سيدعو نتنياهو لزيارة بلاده.

وقد تمكّن جنديان إسرائيليان من الفرار من قبرص والبرازيل بعد تحذيرهما من محاولة القبض عليهما نتيجة جهود منظمات دولية قدمت أدلّة على مشاركة الجنديين في جرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة.

لا شكّ أنّ العالم بات أضيق على إسرائيل بعد مذكرات التوقيف الدولية والتحركات القانونية التي جرت في دولة عدة، إلا أنّ إسرائيل لا تزال قادرة على إيجاد أيادي العون من دول كبرى ووازنة حتى تستكمل جزءًا كبيرًا من مخططاتها في حروبها التي لا تلبث أن تهدأ حتى تجد شرارةً تشعلها من جديد.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: