“نيو يورك تايمز”: هكذا اخترقت إسرائيل حزب الله ووصلت إلى نصر الله
يقدّم الكتّاب مارك مازيتي، شيرا فرانكل ورونين بيرغمان تفاصيل جديدة عن تحضيرات إسرائيل لخوض حرب شاملة مع حزب الله، من تفجير أجهزة نداء وقرب انكشاف هذه العملية إلى اغتيال أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله. كما يتطرق المقال الذي ترجمته "الجادة" إلى الجواسيس الذي تم تجنيدهم داخل الحزب لصالح جهاز "الموساد" بعد حرب تموز/ يوليو 2006.
حتى لحظة اغتياله، لم يكن حسن نصر الله يعتقد أنّ إسرائيل ستُقدِم على قتله. وخلال تحصنه داخل مركز لحزب الله تحت الأرض بعمق 40 قدمًا في 27 أيلول/ سبتمبر، حثّه مساعدوه على الانتقال إلى موقع أكثر أمانًا، إلا أنّ نصر الله تجاهل ذلك، وفقًا لمعلومات استخبارية جمعتها إسرائيل وشاركتها لاحقًا مع حلفائها في الغرب. كان نصر الله يرى أنّ إسرائيل ليست لديها مصلحة بخوض حرب شاملة. ما لم يُدركه الرجل هو أنّ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية كانت تتابع تحرَكاته عن كثب لسنوات.
بعد فترة وجيزة، أسقطت طائرات F-15 إسرائيلية آلاف الأرطال من المتفجّرات، مما أدّى إلى تدمير المخبأ بالكامل في انفجار قضى على نصر الله وقادة كبار آخرين في حزب الله.
في اليوم التالي، تمّ العثور على جثة نصر الله وهو يحتضن جنرال إيراني بارز كان في لبنان، وكلاهما تُوُفّيا اختناقًا، وفقًا لمعلومات استخبارية تم إبلاغها لمصادر عدّة.
كان اغتيال زعيم حزب الله، الذي قاد لسنوات طويلة جماعة لبنانية في مواجهة إسرائيل، ذروة هجوم استمرّ أسبوعين. تم دمج هذه الجملة بتكنولوجيا متطوّرة وقوة عسكرية مدمّرة، تضمّنت تفجير أجهزة مخفية عن بعد في آلاف أجهزة النداء اللا سلكية وأجهزة الاتصال التي يستخدمها حزب الله، بالإضافة إلى قصف جوي دمّر آلاف الصواريخ والقذائف القادرة على استهداف إسرائيل.
كما كان الاغتيال نتيجة عمل استخباراتي منهجي استمر لعقدين من الزمن، استعداًدا لحرب شاملة توقع كثيرون أنها ستحدث يومًا ما.
تحقيق صحيفة “نيو يورك تايمز”، استند إلى مقابلات مع أكثر من 20 مسؤولًا حاليًا وسابقًا في إسرائيل، الولايات المتحدة وأوروبا، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشتهم عمليات سرية، يكشف مدى تغلغل الجواسيس الإسرائيليين في صفوف حزب الله.
قام الإسرائيليون بتجنيد أشخاص لزرع أجهزة استماع في مخابئ حزب الله، وتتبّعوا اجتماعات بين قائد رفيع وأربع نساء، وكان لديهم اطلاع شبه دائم على تحركات قادة الحزب.
تخللت القصة لحظات اختراقات، مثل ما حدث في عام 2012 عندما استولت وحدة 8200 الإسرائيلية – نظيرة وكالة الأمن القومي الأميركية – على كمٍّ هائل من المعلومات، بما في ذلك تفاصيل مخابئ القادة السرية وترسانة الصواريخ والقذائف التابعة للحزب.
وكانت هناك إخفاقات، كما في أواخر عام 2023، عندما شك تقنيٌّ في حزب الله ببطاريات أجهزة الاتصال.
وهناك لحظات استدعت التحرّك لإنقاذ العمليّات، كما حصل في أيلول/ سبتمبر، عندما جمعت وحدة 8200 معلومات تفيد بأنّ عناصر حزب الله قلقون بما يكفي بشأن أجهزة النداء اللا سلكية ويريدون إرسال بعضها إلى إيران للفحص.
ومع الخوف من انكشاف العمليّة، أقنع كبار مسؤولي الاستخبارات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو بإعطاء الأمر بتفجير أجهزة النداء، ممّا أطلق الحملة التي انتهت باغتيال نصر الله.
كان القضاء على حزب الله انتصارًا كبيرًا لدولة عانت قبل عام من أعظم فشل استخباراتي في تاريخها، عندما غزا مقاتلون بقيادة “حماس” إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص وأسر 250 أسيرًا.
جاءت الحملة ضد حزب الله، كجزء من حرب أوسع أودت بحياة الآلاف في لبنان وشرّدت أكثر من مليون شخص، لتقضي على أحد أعظم أعداء إسرائيل وتوجه ضربة لاستراتيجية إيران الإقليمية القائمة على تسليح وتمويل الجماعات شبه العسكرية الساعية لتدمير إسرائيل.
أدى ضعف المحور الذي تقوده إيران إلى تغيير الديناميكيات في الشرق الأوسط، وأسهم بسقوط نظام الأسد في سوريا.
التباين بين أساليب إسرائيل في التعامل مع حزب الله وحماس كان صارخًا ومدمرًا. يُظهر التركيز الاستخباراتي المكثّف على حزب الله اعتقاد قادة إسرائيل بأنّ الجماعة اللبنانية تشكل التهديد الأشد إلحاحًا. ومع ذلك، كانت “حماس” في غزة، المجموعة التي اعتقدت الاستخبارات الإسرائيلية بأنها لا تملك الإرادة أو القدرة على مهاجمة إسرائيل، هي من نفّذ الهجوم المفاجئ الذي يضع إسرائيل بحالة صدمة.
دخلت إسرائيل في مواجهة مع نصر الله وكبار قادة حزب الله لعقود، وخلصت التقييمات الاستخباراتية الإسرائيلية إلى أنّ إعادة بناء الحزب ستستغرق سنوات، وربما أكثر من عقد. القادة الجدد للحزب لديهم خبرة قتالية أقل بكثيرمن الجيل السابق. ومع ذلك، فإنّ القادة الجدد، كحال مؤسسي حزب الله، مدفوعون بمبدأ أساسي: الصراع مع إسرائيل.
“لا يمكن لحزب الله الاستمرار في الحصول على الدعم والتمويل من إيران من دون خوض حرب ضد إسرائيل. هذا هو المبرّر الأساسي لوجود حزب الله”، بحسب السكرتير العسكري السابق لنتنياهو ومؤلف كتاب“حزب الله: بين إيران ولبنان” شمعون شابيرا. وأضاف: “سيعيدون التسلّح والبناء. الأمر مجرّد مسألة وقت”.
بناء شبكة مصادر
كانت حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله مأزقًا داميًا. انسحبت إسرائيل من لبنان بعد 34 يومًا من القتال الذي بدأ بعد أن اختطف حزب الله وقتل جنديين إسرائيليين. الحرب، التي لم تحقّق أهداف إسرائيل، اعتُبرت نوعًا من الإهانة، مما أجبر على تشكيل لجنة تحقيق واستقالات لكبار الجنرالات وإعادة تقييم داخل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عن جودة استخباراتها.
لكنّ العمليات خلال الحرب، المستندة إلى جمع المعلومات الاستخباراتية، شكَلت الأساس لنهج البلاد اللاحق. إحدى العمليات زرعت أجهزة تتبّع على صواريخ الفجر التابعة لحزب الله، مما أعطى إسرائيل معلومات عن الذخائر المخفية داخل قواعد عسكرية سرية ومرافق تخزين مدنية ومنازل خاصة، وفقًا لثلاثة مسؤولين إسرائيليين سابقين. خلال حرب 2006، قصف سلاح الجو الإسرائيلي المواقع، ودمّر الصواريخ.
في السنوات التي تلت الحرب، أظهر نصر الله ثقته بأنّ حزب الله يمكن أن ينتصر في صراع آخر ضد إسرائيل، مشبّهًا إسرائيل بشبكة عنكبوت — مخيفة عن بعد ولكن يمكن تجاوزها بسهولة.
مع إعادة بناء حزب الله، وسّع الموساد، وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية، شبكة المصادر البشرية داخل حزب الله، وفقًا لعشرة مسؤولين حاليين وسابقين من الولايات المتحدة وإسرائيل.
على وجه التحديد، جنّد الموساد أشخاصًا في لبنان لمساعدة حزب الله ببناء منشآت سرية بعد الحرب. قدّمت مصادر الموساد معلومات عن مواقع المخابئ وساعدت في مراقبتها، بحسب مسؤولَيْن اثنين.
بوجه عام، شارك الإسرائيليون استخبارات حزب الله مع الولايات المتحدة وحلفاء أوروبيين.
جاءت لحظة مفصلية في عام 2012، عندما حصلت وحدة 8200 على معلومات ضخمة عن المواقع الدقيقة لقادة حزب الله، مخابئهم وبطاريات الصواريخ والقذائف التابعة للمجموعة، وفقًا لخمسة مسؤولي دفاع حاليين وسابقين في إسرائيل والاتحاد والأوروبي.
عزّزت هذه العملية الثقة داخل الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية بأنّ الجيش الإسرائيلي يمكنه تقويض قدرة حزب الله على الرد، إذا قرّر نتنياهو تنفيذ تهديداته بمهاجمة مواقع إيران النووية.
بعد العملية، زار نتنياهو مقرّ وحدة 8200 في تل أبيب. وخلال الزيارة، قدم قائد الوحدة استعراضًا للمعلومات التي تم جمعها، حيث طبع كمية هائلة من البيانات حتى شكّلت كومة ضخمة من الأوراق. وقف بجوار هذه الكومة وقال لنتنياهو: “يمكنك الآن مهاجمة إيران”، وفقًا لمسؤولَين عسكريين إسرائيليين حاليين وسابقين على دراية بالاجتماع، لكنّ إسرائيل لم تهاجم.
في السنوات التي تلت ذلك، عملت وكالات الاستخبارات الإسرائيلية على تحسين المعلومات التي تم جمعها خلال العملية السابقة لاستخدامها في حال اندلاع حرب مع حزب الله.
بحسب مسؤولَين عسكريين إسرائيليين مطّلعين على المعلومات الاستخباراتية، عندما انتهت حرب 2006، كانت إسرائيل تمتلك “ملفات أهداف” لما يقل قليلًا عن 200 قائد وعميل في حزب الله، بالإضافة إلى مخابئ أسلحة ومواقع صواريخ. وعندما شنّت إسرائيل حملتها في أيلول/ سبتمبر، كان العدد قد وصل إلى عشرات الآلاف.
تحويل أجهزة الاتصال إلى أدوات مميتة
لتأمين ميزة في حرب محتملة مع حزب الله، طوَرت إسرائيل خططاً لتخريب الحزب من الداخل. دعمت وحدة 8200 والموساد خطة لتزويد حزب الله بأجهزة مفخخة يمكن تفجيرها في وقت تختاره إسرائيل، وفقًا لستة مسؤولين عسكريين إسرائيليين حاليين وسابقين.
داخل مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي، عُرفت هذه الأجهزة بـ”الأزرار” التي يمكن تفعيلها عند اللحظة المناسبة.
تصميم وتصنيع هذه الأزرار كانا بسيطين نسبيًا، حيث أتقن المهندسون الإسرائيليون وضع متفجّرات من نوع PETN داخل بطاريات الأجهزة الإلكترونية، مما حوّلها إلى قنابل صغيرة.
أما الجزء الأكثر تعقيدًا في المهمة، فكان من نصيب الموساد الذي قضى نحو عقد من الزمن في خداع حزب الله لشراء معدّات عسكرية وأجهزة اتصالات من شركات واجهة إسرائيلية.
في عام 2014، استغلّت إسرائيل فرصة توقُّف شركة التكنولوجيا اليابانية ICOM عن إنتاج أجهزة اللاسلكي الشهيرة IC-V82. كانت هذه الأجهزة تُجمع في أوساكا – اليابان، وكانت شعبية جدًا لدرجة أنّ نسخًا مقلَدة منها صُنعت في جميع أنحاء آسيا وبِيعت عبر الإنترنت وفي الأسواق السوداء.
اكتشفت وحدة 8200 أنّ حزب الله كان يبحث تحديدًا عن هذا النوع من الأجهزة لتجهيز جميع قواته الأمامية، وفقاً لسبعة مسؤولين إسرائيليين وأوروبيين، بل إنّ الحزب صمّم جيوبًا خاصة في دروع مقاتليه لتلائم هذا الجهاز.
بدأت إسرائيل تصنيع نسخها الخاصة من أجهزة اللاسلكي مع تعديلات طفيفة، تضمّنت حشو المتفجّرات داخل بطارياتها، وفقًا لثمانية مسؤولين حاليين وسابقين من إسرائيل والولايات المتحدة. وصلت أولى النسخ المصنّعة إسرائيليًا إلى لبنان في عام 2015، وشُحن أكثر من 15,000 جهاز في نهاية المطاف، بحسب بعض المسؤولين.
عمليّة تصنيع أجهزة الاستدعاء
في عام 2018، وضعت ضابطة استخبارات إسرائيلية في الموساد خطة لاستخدام تقنية مشابهة لزرع المتفجّرات في بطاريّات أجهزة الاستدعاء، لكن بعد مراجعة الخطة، توصل القادة الاستخباراتيون إلى أنّ استخدام حزب الله لهذه الأجهزة لم يكن منتشرًا بما يكفي، وفقًا لثلاثة مسؤولين، لذا أُلغيت الخطة.
مع ذلك، وفي السنوات اللاحقة، أدى تزايد قدرة إسرائيل على اختراق الهواتف المحمولة إلى إثارة القلق لدى حزب الله وإيران وحلفائه بشأن استخدام الهواتف الذكية.
في محاولة لتوسيع استخدام أجهزة الاستدعاء كبديل آمن، بدأ حزب الله يبحث عن أجهزة تتحمّل ظروف القتال. استهدفت الاستخبارات الإسرائيلية العلامة التجارية التايوانية “Gold Apollo” المعروفة بتصنيع أجهزة الاستدعاء.
بحلول عام 2022، تم إنشاء شركات واجهة إسرائيلية في أوروبا أنتجت الأجهزة وأدخلت عليها تحسينات. وصلت أول شحنة من هذه الأجهزة إلى حزب الله في خريف 2023.
تدريبات الحرب
أجرت إسرائيل نحو 40 تدريبًا عسكريًا خلال عام، ركّزت على اغتيال نصر الله وقادة حزب الله الآخرين في وقت واحد، حتى وإن لم يكونوا في نفس الموقع.
خلال هذه الفترة، جمعت إسرائيل تفاصيل دقيقة عن حياة قادة الحزب، بما في ذلك العلاقات الشخصية لقادة مثل فؤاد شكر، أحد مؤسسي حزب الله.
في هذا العام، وبينما كان فؤاد شكر يشعر بعدم الارتياح بشأن وضعه الشخصي، طلب المساعدة من المرجع الديني الأعلى لحزب الله، السيد هاشم صفي الدين، لعقد قران شرعي على النساء الأربع اللواتي كان على علاقة بهنّ، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين وأوروبي. قام صفي الدين بتنظيم أربع حفلات زفاف منفصلة عبر الهاتف لشكر.
اشتعلت التوترات هذا الصيف عندما أدى هجوم صاروخي لحزب الله في تموز/ يوليو إلى مقتل 12 إسرائيليًا، بينهم أطفال في بلدة مجدل شمس بهضبة الجولان. وردت إسرائيل بعد أيام بضربة جوية في بيروت قتلت فؤاد شكر، في خطوة استفزازية باغتيال قائد رفيع في حزب الله.
“استخدمها أو افقدها”
بعد تبادل الهجمات، عاد الجدل داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن فتح “جبهة شمالية” ضد حزب الله. وضع الجيش الإسرائيلي والموساد استراتيجيات مختلفة لحملة ضد الحزب، وفقًا لأربعة مسؤولين إسرائيليين.
في أواخر آب/ أغسطس، كتب رئيس الموساد ديفيد بارنياع رسالة سرية إلى نتنياهو يدعو فيها إلى حملة تمتدّ من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع تشمل القضاء على أكثر من نصف القدرات الصاروخية لحزب الله وتدمير منشآت على بعد نحو عشرة كلم من الحدود الإسرائيلية، لكنّ خطط الحملة تعطّلت بسبب معلومات استخباراتية جديدة.
أصبح عناصر حزب الله الله يشكون بأنّ أجهزة الاستدعاء قد تكون مفخّخة، وفقًا لمسؤولين عدة. في 11 أيلول/ سبتمبر، أظهرت المعلومات أنّ حزب الله كان يرسل بعض الأجهزة إلى إيران للفحص، وأدركت إسرائيل أنها مسألة وقت قبل أن يُكشف أمر العملية السرية.
في 16 أيلول/ سبتمبر، اجتمع نتنياهو مع كبار المسؤولين الأمنيين لمناقشة قرار تفجيرالأجهزة في عملية “استخدمها أو افقدها”، وفقًا لأربعة مسؤولين أمنيين. عارض البعض ذلك، محذّرًا من أنه قد يؤدي إلى رد فعل شامل من حزب الله وربما ضربة إيرانية. مع ذلك، أمر نتنياهو بالمضي قدمًا في العملية.
وفي اليوم التالي، عند الساعة 3:30 مساءً بالتوقيت المحلي، أرسل الموساد رسالة مشفّرة إلى الآلاف من أجهزة الاستدعاء، وانفجرت الأجهزة في غضون ثوانٍ.
في الوقت الذي انفجرت فيه الأجهزة، كان رينسون جوزيه، النرويجي الذي يترأس إحدى شركات الواجهة التابعة للموساد، يحضر مؤتمرًا تقنيًا في بوسطن. وخلال أيام، تم التعرف على جوزيه في تقارير إعلامية كمتورّط في العملية، وأعلنت الحكومة النرويجية إنها تريد استجوابه. ضغطت إسرائيل سرًّا على إدارة بايدن لضمان مغادرته الولايات المتحدة من دون أن يُعاد إلى النرويج، وفقًا لمسؤول إسرائيلي وآخر أميركي.
الموافقة على اغتيال نصر الله
بعد عملية الأجهزة، اختارت حكومة نتنياهو، بدعم من مسؤولين عسكريين كبار، خوض حرب شاملة تميّزت بتصعيد متتالي.
في اليوم التالي لتفجير أجهزة الاستدعاء، فجّر الموساد أجهزة اللاسلكي، التي كانت معظمها لا تزال مخزّنة لأنّ قادة حزب الله لم يحرّكوا مقاتليهم بعد.
أسفرت التفجيرات عن مقتل العشرات، بينهم أطفال، وأصيب الآلاف، معظمهم من عناصر حزب الله، مما أثار الفوضى بين صفوف قيادته.
وفي 20 أيلول/ سبتمبر، قصفت طائرات إسرائيلية مبنى في بيروت كان قادة قوة الرضوان التابعة لحزب الله يجتمعون فيه، مما أسفر عن مقتل العديد منهم، بينهم إبراهيم عقيل، رئيس العمليّات العسكرية للحزب.
في 23 أيلول/ سبتمبر، شنّت القوات الجوية الإسرائيلية حملة كبرى استهدفت أكثرمن 2000 هدف لحزب الله، بما في ذلك مخازن صواريخ متوسّطة وطويلة المدى.
قرار اغتيال نصر الله
ظل القرار الأهم قيد النقاش: هل يجب اغتيال نصر الله أم لا؟
تلقّت الوكالات الاستخباراتية معلومات جديدة تفيد بأنّ نصر الله يخطط للانتقال إلى مخبأ جديد يصعب استهدافه. وفي 26 أيلول/ سبتمبر، قبل سفر نتنياهو إلى نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، اجتمع مع كبار مستشاريه السياسيين والأمنيين والعسكريين لمناقشة الأمر.
عارض نتنياهو وكبار مستشاريه إبلاغ الإدارة الأمريكية مسبقًا، معتقدين بأنّ الأميركيين سيعارضون الضربة، لكنهم كانوا على يقين من أنّ الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل إذا ردّت إيران.
وافق نتنياهو على الاغتيال في اليوم التالي بعد وصوله إلى نيويورك. وبعد ساعات فقط من إلقاء كلمته في الأمم المتحدة التي حذّر فيها من تأثير حزب الله على لبنان، أسقطت طائرات F-15 الإسرائيلية فوق بيروت آلاف الأرطال من المتفجرات.