الانتخابات الأميركية بنظرة إيرانية.. التحدّيات والفرص
تُعتبرُ الانتخابات الأميركية حدثًا عالميًا لتأثيرها على عدد كبير من البلدان، بما في ذلك إيران.
وعلى الرغم من تأكيد الكثير من ساسة إيران على أنّ تغيير ساكني البيت الأبيض لا يغيّر من سياسات الولايات المتحدة العامة، إلا أنّ إيران تنظر إلى هذه الانتخابات بعين الحذر، بين إمكانية التغيير أو استمرار الوضع القائم.
يعيش الرأي الرسمي والشعبي الإيراني مخاوف من نتائج الانتخابات الأميركية، كما يُعبّر المسؤولون الإيرانيون عن قلقهم من استمرار سياسة الضغط الأميركي، وتبقى بعض الآمال لدى بعض المسؤولين أنّ فوز الديمقراطيين قد يؤدي إلى تراجع الحظر وزيادة فرص الحوار، رغم معرفتهم بأنّ شخصية الرئيس الأميركي لا يمكنها تغيير السياسات العامة الأميركية، الأمر الذي أكده مرارًا القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، الذي تجنّب دائمًا تحديد مرشحه المفضّل للرئاسة الأميركية.
وفي السياق، أبدى المستشار الأعلى لقائد الثورة علي أكبر ولايتي في مع صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية عدم ثقته في أي من المرشحَيْن، مشيرًا إلى أنّ تجربة إيران الطويلة والمريرة في التفاوض مع الأميركيين تُظهر أنهم ليسوا موضع ثقة.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني إنّ طهران ترغب برؤية تغيير في سياسات واشنطن واحترام السيادة الوطنية للدول الأخرى بعد الانتخابات الأميركية، وإنّ إيران تتوقّع من واشنطن الامتناع عن التحرّكات المسبّبة للتوتر في السنوات الأخيرة.
وتُظهر بعض الآراء الرسمية الإيرانية ميولًا نحو مرشحة الحزب الديمقراطي، بسبب سياسات الحزب الماضية وتاريخه في التعامل مع الاتفاق النووي، على الرغم من تجنّب المسؤولين الإيرانيين إعطاء تفضيلات واضحة بهذا الشأن.
أما المحللون السياسيون والخبراء الاستراتيجيون الإيرانيون، فقد تنوّعت كتاباتهم عن الانتخابات الأميركية، حيث يعتقد بعضهم بأنّ التغيّرات في القيادة الأميركية تمثّل فرصة لإيران للتفاوض وتحسين العلاقات، بينما يشير آخرون إلى أنّ التوجّهات السياسية في الولايات المتحدة تؤثر سلبًا على الأمن القومي الإيراني.
وفي مقال له نشر سابقًا في صحيفة “كيهان” الاصولية، قال الكاتب علي دائي إنّ الانتخابات الأميركية هي فرصة لإيران لتحديد استراتيجياتها المستقبلية، مؤكدًا على أهمية متابعة التغيّرات المحتملة في السياسة الخارجية الأميركية تجاه إيران.
أما الناشط محمود صادقي، فقد ناقش في مقال على موقع “عصر إيران” كيف أنّ الانتخابات الأميركية تضع إيران في موقف دقيق، حيث يتعيّن على القيادة الإيرانية اتخاذ قرارات استراتيجية تتعلّق بالاقتصاد والسياسة الخارجية، داعيًا للاستعداد لكل السيناريوهات، سواء فاز الديمقراطيون أو الجمهوريون.
بدوره اعتبر المحلل السياسي حسين موسوي في مقال لـ”تابناك” أنّ الانتخابات الأميركية تمثل وقتًا حاسمًا لتقييم سياسات طهران، وأنّ الشعب الإيراني يتطلّع مع الأمل إلى ما يمكن أن يحدث بعد الانتخابات.
أما الشارع الإيراني فقد تنوّعت آراؤه عن الانتخابات الأميركية، حيث يعبّر الكثيرون حسب تقرير ميداني أجرته “اور نيوز” عن أملهم في تغييرات إيجابية في السياسة الأميركية تؤدي إلى تحسين العلاقات، بينما رجحت كفّة المرشحة الديمقراطية هاريس على منافسها الجمهوري ترامب في آراء الشعب الإيراني.
بدوره فضّل الصحافي رضا فوز هاريس، حيث يعتقد بأنّ هزيمة ترامب هي لصالح شعوب العالم والشرق الأوسط وإيران، معتبرًا أن فوزه سيزيد قوة المتشددين في إيران وسيُضعف القوى الداعمة للمجتمع المدني، كما سيدفع باتجاه فرض قدر كبير من العقوبات الصارمة على إيران.
ومع اقتراب موعد التصويت، يظهر تأثير الدولار على الاقتصاد الإيراني بشكل ملحوظ، حيث تزداد قيمة الدولار أمام التومان، والذي بات يلامس مستوى الـ70 ألف تومان للدولار الواحد، مما يزيد من تكلفة السلع الأساسية ويؤثر سلبًا على معيشة المواطنين، ويرجع ذلك جزئيًا إلى حالة عدم اليقين والسياسات المحتملة التي قد تتبنّاها الإدارة الأميركية الجديدة.
وفي مقال على موقع “جهان صنعت”، شدّد المحلّل الاقتصادي عبد الله يزدي على أنّ الانتخابات الأميركية لها تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني، حيث أنّ قيمة الدولار أمام التومان تحدث تغييرات كبيرة في السوق، مشيرًا إلى أنّ انتخاب هاريس قد يجلب بعض الأمل في تحسين العلاقات الاقتصادية، بينما قد يؤدي انتخاب ترامب إلى تفاقم الأوضاع.