الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة11 سبتمبر 2024 20:47
للمشاركة:

زيارة تاريخية.. بغداد محطة بزشكيان الأولى

كانت العاصمة العراقية بغداد أول مقصد للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والوفد الحكومي معه، ولذلك دلالة ومعنى كبيران جداً، فإيران والعراق وفق توصيف مسؤولي البلدين لديهما تاريخ طويل جداً في الثقافة والحضارة.


في هذا الإطار، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي لقناة الفرات العراقية: “العراق بالنسبة لإيران أكثر من بلد جار، والأمن والاستقرار في العراق هو  أمن واستقرار لإيران، وعدونا مشترك وهو الكيان الصهيوني”.

مقابلة باللغة الكردية

يُعدُّ بزشكيان أوّل رئيس إيراني يزور إقليم كردستان العراق، حيث زار مدينتَيْ أربيل والسليمانية، كما أجرى مقابلة باللغة الكردية في بغداد بعد لقائه بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد.

وأكد بزشكيان عزمه العمل على تحسين العلاقات بين إيران وإقليم كردستان العراق، واصفًا إياها بأنها “جيّدة”، كما وعد بتعزيزها خلال مقابلته مع مراسل شبكة “رووداو” الإعلامية.

وعن القضايا التي سيركز عليها خلال مباحثاته مع المسؤولين العراقيين، أشار الرئيس بزشكيان إلى أنه سيتناول “جميع القضايا الأمنية والسياسية والعلمية والثقافية”.

بدوره، قال القنصل الإيراني في البصرة علي عابدي إنّ الرئيس الإيراني سيزور مدينة البصرة، وهي أول زيارة على مستوى الرئاسة الإيرانية للمحافظة منذ 100 عام.

بزشكيان والسوداني

التقى بزشكيان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في بغداد، وصرّح خلال مؤتمر صحفي مشترك: “لقد عقدنا مباحثات جيدة جدًا مع رئيس الوزراء العراقي، وكانت فرصة جيّدة جدًا لزيارة البلد الصديق والشقيق العراق في أول زيارة الخارجية لنا”. وتابع: “تم اليوم التوقيع على 14 اتفاقًا للتعاون بين بغداد وطهران، وهي نقطة انطلاق لتوسيع العلاقات الثنائية”.

ولفت الرئيس الإيراني إلى أنه تمت مناقشة الأوضاع الجيو- سياسية للبلدين اللذین يُعتبران نقطة وصل بين أوروبا وآسيا، وتشكيل لجنة خبراء في هذا الصدد، فضلًا عن الخطط الاستراتيجية وطويلة الأمد التي من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من التعاون بين الجانبين.

وأكد بزشكيان أنّ البلدين بحاجة إلى تنفيذ اتفاقات التعاون الأمني الثنائية من أجل التصدي للإرهابيين والأعداء الذين استهدفوا استقرار وأمن المنطقة في الماضي.

وشدّد بزشكيان على أنّ الحكومة الإيرانية تربد أن يكون العراق قويًا وآمنًا ومستقلًّا تسوده الأخوة والهدوء، مضيفًا أنه سيعقد الطرفان اجتماعات تخصصية لصياغة المعاهدات والاتفاقيات اللاحقة بين البلدين.

وفي قسم آخر من تصريحاته خلال المؤتمر الصحفي، لفت بزشكيان الى الجرائم المروّعة التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وأردف: “إنّ المجارز في غزة تُرتكب باستخدام الأسلحة الأميركية والغربية، مما يكشف زيف ادعاءات واشنطن والدول الأوروبية بشأن الدفاع عن حقوق الإنسان”.

بدوره، قال السوداني إنّ العلاقات العراقية – الإيرانية تتميّز بمستواها الرفيع، وهي تضمّ العديد من الروابط التاريخية، الدينية، الثقافية، المصالح والعلاقة المتينة القديمة جدًا بين الشعبين.

وأردف: “إنّ إيران مرّت بمنعطفٍ حاد، بفقدها الأليم للرئيس الشهيد إبراهيم رئيسي ورفاقه، ونشدّ مجددًا على يد الرئيس بزشكيان وهو يتصدى لمهامه”.

وأكد السوداني أنّ الملف الاقتصادي المشترك بوّابة مهمة لتحقيق تطلّعلت الشعبين، مشيرًا إلى أنه تمّت مناقشة الآليّات التي من شأنها أن تنهض بهذا الملف المهم، وأكمل: “المباحثات أكدت على تعزيز خطوط النقل والربط اللوجستي بين البلدين، وقطعنا شوطًا من جانبنا في الربط السككي لنقل المسافرين، خط بصرة – شلامجة، الذي سيسهّل انتقال مواطني البلدين، خاصة في مواسم الزيارات الدينية”.

وكشف السوداني أنه تم التطرّق الى عمل الشركات الإيرانية، “خصوصًا أنها شركات كفوءة ومهمة، وسبق أن نفذت مشاريع مهمة في مجال البنى التحتية، على حد تعبيره، مبيّنًا أنّ “موقف العراق كحكومة داعم لتوسعة التعاون الاقتصادي الإيراني مع دول المنطقة”.

وثمّن السوداني موقف إيران الداعم للعراق بتجهيز الغاز لتشغيل محطّات الكهرباء، رغم الظروف التي رافقت تسديد المستحقّات بسبب العقوبات، مستدركًا أنه “تم التحدث بشأن تهديد الاستقرار في المنطقة بسبب العدوان الصهيوني في غزّة، الذي تجاوز الأطر القانونية والأخلاقية، أمام عجز وفشل المجتمع الدولي، ومع استمرار عمليّات الإبادة الجماعية تجاه الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلّة”.

رسالة خامنئي إلى رئيس وزراء العراق

قدّم بزشكيان للسوداني لوحة تذكارية تتضمّن رسالة من القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، والتي شكر فيها الشعب والحكومة العراقيين والمواكبة العراقية للجهود المبذولة في استقبال زوّار الأربعين.

وجاء في رسالة خامنئي: “بدايةً، لا بدّ من كلمة شكر أتوجّه إليكم بها من أعماق قلبي، وبالنيابة عن الشعب الإيراني العظيم، إليكم أنتم أصحاب المواكب، يا من تجلّت بكم في أيام الأربعين أسمى درجات الكرامة والرحمة والمودّة، وإلى شعب العراق العظيم بأسره، وإلى المسؤولين في الحكومة العراقية الذين وفّروا الأمن والبيئة والظروف المناسبة للزيارة. وأخصُّ بالثناء العلماء الأجلّاء والمراجع العظام في العراق، الذين هيّأوا الأجواء المناسبة لهذه الزيارة، وأشاعوا مشاعر الأخوّة بين الناس، وبين الشعبين، وهو ما يستحق الشكر حقًا.

إنّ ما تفعلونه – أيّها الأخوة العراقيون الأعزّاء في مواكبكم المنتشرة على الطريق، ومعاملتكم الكريمة لزوّار الحسين (ع) لا نظير لها في عالمنا اليوم، كما أنّ زيارة الأربعين بحد ذاتها لا مثيل لها في التاريخ، كذلك فإنّ توفير أمن عشرات الملايين من الناس وسلامتهم يُعدُّ مهمة عظيمة وفريدة من نوعها في عالم اليوم غير الآمن. لقد جسّدتم بسلوككم وفِعالِكم الكرم الإسلامي، وحسن الضيافة العربية، كلِّ ذلك في محبة سيد الشهداء (ع). إنّ محبّة الحسين بن علي (ع) هذه فريدة من نوعها، ولا شبيه لها على امتداد الزمان والمكان. نرجو الله المتعالي أن يُعمِّرَ قلوبكم وقلوبنا بهذه المحبة أكثر فأكثر. إنّ دائرة الانجذاب نحو هذه المحبّة آخذة بالاتساع، بحمد الله، بدءًا من المواجهة الملحمية في غزة، وصولًا إلى كثير من المجتمعات غير المسلمة”.

هدية العراق للرئيس الإيراني

قدم رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، إلى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان هدية عبارة عن منحوتة خشبية مزخرفة، كتب عليها “الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق”، وهي مقولة شهيرة للخليفة علي بن أبي طالب

بزشكيان ونظيره العراقي

وخلال لقائه نظيره العراقي، قال بزشكيان إنّ الوحدة بين البلدان الإسلامية قادرة على تجفيف جذور الارهاب الصهيوني، داعيًا لضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام للتعاون الثنائي والإقليمي.

كما شجع بزشكيان على تشكيل لجان خبراء بين البلدين لتوسيع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية قدر الإمكان.

وذكّر الرئيس الايراني بالتاريخ الطويل لإيران والعراق، منوّهًا إلى ضرورة تشكيل اتحاد مشترك للدول الإسلامية، والتحرّك نحو إزالة حدود الدول الإسلامية على غرار تجربة الاتحاد الأوروبي.

وأعرب بزشكيان عن أمله بنموّ وتوسّع الاتفاقيات المالية والاقتصادية، والتعاون من أجل تنمية الأمن والاستقرار الإقليمي بين البلدين.

وفي هذا اللقاء، شدّد رشيد على التوجه نحو إزالة الدولار من التعاملات المالية، مرحّبًا بتكوين الاتفاقيات وتوقيع المزيد من وثائق التعاون بين العراق وإيران.

وفي جزء آخر من تصريحاته، أدان رشيد انتهاك سيادة إيران الإقليمية واغتيال الشهيد إسماعيل هنية وقتل الفلسطينيين في غزة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: