حادثة طهران.. قضايا الحجاب في إيران إلى الواجهة مجددًا
مع انشغال إيران بتداعيات عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية في عاصمتها طهران، ودراستها الرد على إسرائيل، عادت إلى الواجهة قضايا يحاول الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان معالجتها وتضميدها للأبد، مع نشر فيديو لتعامل دورية شرطة إرشاد مع فتاتين غير محجّبتين في شارع من شوارع طهران.
وجرى تداول فيديو تعرَّضت خلاله فتاة مراهقة تبلغ من العمر 14 عامًا برفقة أخرى للضرب في طهران.
وأكدت والدة الفتاة المراهقة مريم عباسي أنّ ابنتها تعرّضت للضرب في 21 حزيران/ يونيو في شارع وطن دبر شمال طهران، مضيفةً أنه خلال الاشتباك وعند الاعتقال، ارتطم رأس ابنتها بكابينة للكهرباء كانت في الشارع واستمرت الاعتداءات عليها داخل سيارة دورية الإرشاد.
وقالت عباسي إنّ هذه الاعتداءات بدأت من دون أي إنذار مسبق، وتابعت في حديث مع موقع “إنصاف نيوز” أنها تمكنت من الحصول على إذن من القاضي في محكمة الشؤون العسكرية للحصول على تسجيل كاميرا المراقبة، لكنها لم تتلقَّ أي ردود إضافية منذ ذلك الحين.
وفي مقابل هذه التصريحات، أعلنت شرطة الأخلاق التي تتبع لها تلك الدوريات أنّ فتاة كسرت أصبعان من يد أحد الشرطيات خلال الاعتقال. وعليه يجب على الفتاة أن تحصل على رضاية من هذه الشرطية حتى لا تشتكي عليها.
بدوره، أصدر مركز الإعلام التابع لشرطة العاصمة بيانًا عن الفيديو الذي تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي والذي يظهر وفق قوله “تنبيه عناصر الأمن لفتاتين شابّتين بسبب الزي غير المناسب وخلع الحجاب”. وأشار البيان إلى أنّ الفتاتين قابلتا التنبيه بالشتائم والألفاظ النابية.
وأضاف البيان أن الفتاتين تم رصدهما مرة أخرى في شارع وطن بور بزي غير مناسب، وأثناء نقلهما إلى السيارة حصل جدال وشجار مع عناصر الأمن، ونتيجة للمقاومة تعرّضت إحداهما لإصابة طفيفة، مشيرًا إلى أن الفيديو الذي التقطته الشرطة وتسجيل كاميرات المراقبة في الشارع تم تسليمهما للسلطات القضائية للتوضيح.
وأكدت الشرطة أنّ مثل هذا التصرّف لا يُعتبر ضمن معايير السلوك والعمليّات الخاصة بها، لافتةً إلى أنّ القضية مفتوحة لدى النظام القضائي والتفتيش العام وهي قيد التحقيق.
هل وقع بزشكيان في الاختبار سريعًا؟
في المناظرات الانتخابية قبل أسابيع، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إنه “يعارض أي تعامل عنيف مع أي إنسان، وتحديدًا المرأة”، وأردف: “نحن من ربَّينا هؤلاء الفتيات والسيّدات وليس الأجانب.. لا تتغيَّر السلوكيّات من دون الحوار والاقتناع. مثلما لم يتمكنوا سابقًا من خلع الحجاب بالقوة من على رؤوس النساء، فنحن لن نتمكّن من أن نغطيهن بالحجاب بالقوة… لقد زادت فجوة قطاع عريض من الشعب والنساء والفتيات عنَّا، وتزيد يومًا بعد يوم على نحو يجعل الكثير من النساء لا يجرؤن على الخروج بالحجاب”.
كما ذكرت المسؤولة عن شؤون النساء في الحملة الانتخابية لبزشكيان أطهره نجاد إنّ مشروع قانون الحجاب يتعيّن أن يُناقش من جديد، لأنّ عواقب تنفيذه على المجتمع لم تُبحث جيّدًا برأيها.
كما تحدث بزشكيان في ذلك الوقت عن حملة “نور” المخصصة لـ “مكافحة الحجاب السيء”، حيث كتب في تغريدة على “إكس”: “أضمن أن تقف الحكومة تمامًا في كل الجلسات أمام دوريّات الحجاب الإجباري وحظر الانترنت والضغوط الخارجية.. الآن، النساء والفتيات وكافة من يرتدي في المجتمع زيًّا خاصًا، من المحتمل ألا يكون لديهنّ مشكلة في معتقداتنا ورؤيتنا، لكن حينما نتعرض لهم بسبل أطلقنا عليها “نور”، فآنذاك، نجعلهنّ ضد الدين والإيمان”.
كما قال: “اليوم إيران بيتي. وفتيات إيران هم بناتي، والشباب أيضًا كذلك. أعدهم بأن أقف معهم.
التداعيات السياسية
هذه الحادثة وقبل تقديم حكومته للبرلمان ونيلها الثقة وفي ظل ترأسه حتى الأن لكابينة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي التي تسير أمور البلاد تضغ بزشكيان في موقف صعب، وهو لا يزال يخطو خطواته الأولى في الحكومة بالتزامن مع أزمة خارجية تمثّلت باغتيال هنية.
وفي الوقت الذي رأى معلَّقون أنّ إيران تواجه مصدرَيْ توتر وتهديد، هما إسرائيل والمتطرّفون في الداخل الذي يدعمون شرطة الأخلاق، غرَّد العضو في حملة بزشكيان الانتخابية محمد جواد آذري جهرمي، في إسقاط عمَّا غرَّد به بزشكيان سابقًا: “هذه الفتاة الغير ملتزمة كاملا بالحجاب، ابنتي أيضًا”.
كما كتبت رئيس جبهة الإصلاح آذر منصوري: “كم مهسا أخرى يجب أن تتوفى لكي تقبلوا أنّ سياسة النظام هذه بخصوص حجاب الإيرانيّات فشلت، إنما ستعمّق وتوسّع يومًا بعد يوم فجوة سيادة الأمَّة”، مستدركة بشعار الرئيس وراية “المصالحة الوطنية”: “لأجل إيران ولتحقيق المصالحة الوطنية ولترميم الفجوات، يجب أن تتراجعوا عن هذا الإجبار والإهانة”.
كما علَّق بصورة غير مباشرة النائب الأوَّل لرئيس الجمهورية محمد رضا عارف على الحادثة، حيث قال: “لا يتعيّن التعامل بعنف مع الشعب، ويجب الاهتمام ومتابعة المطالب كافة، لا سيّما من لم يصوَّت لأي سبب كان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة”.