الانتقام لهنية: قصف إسرائيل ثانيا، الجاسوس الداخلي أولا!
حث موقع "عصر ايران" إلى أن يكون الانتقام لجريمة طهران في طهران أولًا ثم في الأراضي المحتلة، مشيرًا بعد سرد قصة ايلي كوهين الجاسوس الإسرائيلي الذي وصل لمناصب رفيعة في وزارة الدفاع السورية إلى أن الأكثر سذاجة هو الاعتقاد بأن عملية اغتيال هنية في طهران تمت بدون مساعدة شبكة كاملة من العملاء المخترقين، الذين كانوا يعلمون حتى بمكان إقامته السري وطابق غرفته، وتمكنوا من إيصال معدات الاغتيال إلى قرب الموقع، وإطلاقها والهروب بأمان. جاده إيران تقدم لقراءها ترجمة كاملة للمقالة
المشهد الأول:
كامل أمين ثابت، مستشار وزير الدفاع السوري، يلقي خطابًا في المجلس الوطني السوري؛ يتحدث بحماس ضد إسرائيل، بينما يتحرك بيديه وأوردة عنقه منتفخة من شدة صراخه، مؤكدًا على ضرورة اتحاد الجيوش العربية لتحرير القدس الشريف، ويختتم بخطاب صاخب يقول: “الموت لإسرائيل”. يردد النواب شعاره ويتوجهون نحوه، يحيطون به ويشيدون بمواقفه الشجاعة والثورية ضد إسرائيل. كامل أمين ثابت هو المرشح لوزارة الدفاع السورية، والسوريون يعلقون آمالًا كبيرة عليه كشخصية مناهضة لإسرائيل يمكن أن تنهي الأمر مع إسرائيل بتدبيره وقيادته. وهو أيضًا واحد من ثلاثة مرشحين رئيسيين لخلافة رئيس الوزراء.
المشهد الثاني:
في أحد ميادين دمشق، يتم نصب مشنقة، يقود عدد من الجنود الشخص من بين الحشود التي تهتف ضده نحو المشنقة. بعد دقائق، يلتف حبل المشنقة حول عنقه ويتأرجح جسده في الهواء. يبقى معلقًا لساعات حتى يشاهد الناس الجاسوس الإسرائيلي المُعدم؛ إنه كامل أمين ثابت!
المشهد الثالث (قبل سنوات):
رئيس كامل أمين ثابت في الموساد، بينما يأخذ آخر سحبة من سيجارته، يقول: “اشتم إسرائيل قدر ما تستطيع، اهتف بكل ما تستطيع، واجذب كل الانتباه نحوك. أظهر ولاءك للنظام السياسي والأمني السوري وتقدم. أضعف أعدائنا بكل تهمة واتهام يمكنك، واصعد في المناصب… إسرائيل تحتاجك، إيلي!”
الاسم الحقيقي لكامل أمين ثابت هو “إيلي كوهين”، الرجل الذي قضى سنوات في أعلى مستويات القيادة في سوريا، والمعلومات التي قدمها لإسرائيل كانت من بين أسباب الهزائم المتكررة للعرب أمام إسرائيل وتفوق تل أبيب.
عندما تم الإعلان عن اعتقاله، كان من الصعب تصديق أن أحد أهم الشخصيات المناهضة للصهيونية والذي ارتبط اسمه بالعداء لإسرائيل، كان عميلًا لإسرائيل وكل تلك الشعارات النارية والخطابات الملتهبة كانت مجرد عروض مُعدة مسبقًا؛ لكن هذا كان الحال.
المشهد الرابع (بعد 59 عامًا):
إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، الذي جاء إلى طهران لحضور مراسم تنصيب الرئيس الإيراني، يُرشد إلى غرفة في مجمع محمي في شمال طهران بعد يوم حافل. يلقي نظرة على الجبال الشمالية لطهران من النافذة ويأخذ نفسًا عميقًا، ثم بعد أداء الصلاة وقراءة بعض التقارير، يطفئ الأنوار ويغمض عينيه. عقارب الساعة تشير إلى 1:45 صباحًا عندما يخترق صوت انفجار ضخم سكون الجبال، ويسقط هنية وحارسه قتلى على الفور. صاروخ أُطلق من تلك الجبال دخل من النافذة إلى الغرفة!
***
1 – من السذاجة أن نعتقد أن إسرائيل التي نفذت خطة ناجحة لاختراق النظام الحكومي والأمني السوري قبل 60 عامًا، لم تفعل شيئًا اليوم، وبعد اكتساب خبرات عديدة، لاختراق حكومة أهم أعدائها، أي الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
الأكثر سذاجة هو أن نعتقد أن عملية اغتيال هنية في طهران تمت بدون مساعدة شبكة كاملة من العملاء المخترقين، الذين كانوا يعلمون حتى بمكان إقامته السري وطابق غرفته، وتمكنوا من إيصال معدات الاغتيال إلى قرب الموقع، وإطلاقها والهروب بأمان!
الأشخاص الذين يحاولون التقليل من شأن اختراق العملاء ويربطون كل شيء بالتفوق التكنولوجي وما شابه، هم أنفسهم متهمون بشكل جدي بأنهم جزء من خط الاختراق.
2 – يجب الانتقام من إسرائيل، ولكن قبل أي انتقام داخل الأراضي المحتلة – وهو أمر ضروري – يجب الانتقام لجريمة طهران في طهران، وهذا الانتقام ليس إلا من خلال عملية “الوعد الصادق 2” للكشف عن عملاء إسرائيل في جميع المستويات، والقبض عليهم ومعاقبتهم بدون أي مجاملة أو رحمة. لا ننسى أن إيلي كوهين كان من بين الأوائل في الحكومة السورية آنذاك، وفي إيران، كان الشخص الذي اغتال الرئيس رجائي ورئيس الوزراء باهنر هو امين مجلس الأمن القومي، مسعود كشميري!
لذلك، لا يجب أن نغفل عن وجود عملاء مشابهين في مختلف أركان السلطة والمؤسسات التنفيذية وصنع القرار.
الاختراق نفسه يتمثل في أولئك الذين يسعون لعزل إيران دوليًا واصفين مؤيدي العلاقات مع العالم بالانبطاحيين والمستسلمين.
العملاء هم الذين يبدلون أولويات البلاد لترتفع مسائل مثل نوع لباس النساء إلى مستوى الأمن القومي بينما تتوقف قضايا مثل أزمة المياه وهجرة العقول واختلال الطاقة عند حد المقالات والندوات.
العملاء هم الذين يعطلون العقود الاقتصادية بين إيران والدول الأخرى ليحولوا إيران إلى جزيرة فقيرة ومعزولة.
العملاء هم الذين يسربون معلومات العلماء النوويين الإيرانيين إلى إسرائيل ليتم اغتيالهم واحدًا تلو الآخر.
العملاء هم الذين بتصريحاتهم وأفعالهم غير العقلانية والمتكررة يثبطون الشعب تجاه نظام الحكم.
أعضاء خط الاختراق هم الذين يعتبرون أن زرع الفرقة والانقسام المزعوم في المجتمع هو واجبهم التنظيمي.
وأخيرًا، العملاء هم الذين نقلوا المعلومات اللازمة لاغتيال هنية في طهران إلى تل أبيب وأتموا مهمتهم خلال 24 ساعة من وجوده في إيران، ويحاولون الآن التقليل من شأن خطر الاختراق.
بلا شك، جزء كبير من العقوبات، والمشكلات المتعددة في العلاقات الخارجية لإيران، والمصاعب الاقتصادية، والاضطرابات السياسية، والتصدعات الاجتماعية، هي نتاج عملاء الاختراق وثقة عناصر النظام الداخلي بهم. في الواقع، الشعب الإيراني قد وقع ضحية لهم قبل هنية بكثير.
من هنا نؤكد أن الانتقام من إسرائيل، قبل أن يكون في تل أبيب وحيفا وإيلات وديمونة، يجب أن يكون في طهران. فلنفترض أن غدًا، في عملية انتقام كبرى، تقتل الصواريخ الإيرانية 100 عسكري صهيوني، ولكن العملاء الإسرائيليين في إيران يستمرون في نشاطهم ويفشلون ذلك الانتصار من الداخل ويحققون ضربة أكبر؛ هل سيكون النصر حليفنا في تلك الحالة؟!
عميل واحد في طهران يمكنه أن يحقق ما لا تستطيع فرقة كاملة من الصهاينة تحقيقه في غزة، وهذا ما لم يستطيعوا فعله مع هنية في فلسطين أو أي مكان آخر، ولكن بفضل العملاء في إيران، استطاعوا تحقيقه.
أكبر انتقام من إسرائيل هو قطع أذرع هذه الأخطبوط الإرهابي في داخل إيران. حينها سيصبح الصهاينة عميانًا في إيران ويفقدون ثقتهم بأنفسهم، وهذا هو شرط انتصارنا.
مكان عملية “الوعد الصادق 2” هو طهران، حيث يجب أن يلقى العملاء الإسرائيليون المزخرفون والظاهرون بالصلاح نفس مصير سلفهم إيلي كوهين.
إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا