الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة29 يوليو 2024 12:27
للمشاركة:

خامنئي ينصّب بزشكيان.. ما هي أهم الرسائل والإشارات في مراسم “تنفيذ الحكم”؟

نفّذ القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الأحد 28 تموز/ يوليو 2024 حكم تنصيب الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان في مراسم حضرها عدد كبير من الشخصيات والمسؤولين في البلاد، والرئيس بالوكالة محمد مخبر بدلًا عن الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، في سابقة هي الأولى في تاريخ البلاد.

وبدأت المراسم بتقرير قدّمه وزير الداخلية أحمد وحيدي عن عملية الانتخابات ونتائجها للقائد الأعلى، وفق البرتوكول المتّبع في هذه المراسم.

وألقى مدير مكتب خامنئي خطاب التنصيب الذي شكر فيه “جميع الذين أدّوا دورًا في تسطير هذه المفخرة”، مضيفًا أنه “تكريسًا لإرادة الشعب العظيم، أنفّذ أصواتهم في اختيار الشخصيّة الحكيمة، الصادقة، الشعبيّة والعالمة، جناب السيّد الدكتور مسعود بزشكيان، وأقلّده منصب رئاسة جمهوريّة إيران الإسلاميّة”.

وتابع “خامنئي”: “بعد الدعاء والتمنّي الخالص لجنابه بالتوفيق، ألفت إلى أنّ رأي الشعب وتنفيذي يستمرّان ما دام نهج جنابه هو الصراط المستقيم للإسلام والثورة”، مشدّدان على أنّ إيران تمتلك “سيادة شعبية مصحوبة بالتنافس والنزاهة في البلاد”.

وأعطى خامنئي في خطاب خاص توجيهات في مجال القضايا الخارجية والداخلية، حيث قال: “في مجال القضايا الخارجية، إننا لا نملك الدافع للمعارضة والعداء مع بعض الدول، مثلًا الدول الأوروبية، التي لم أذكرها في سُلّم أولويات علاقاتنا الخارجية، والسبب هو أنّ هذه الدول لم تتصرف معنا بشكل جيد خلال هذه السنوات”، مضيفًا: “في ما يخصّ السياسة الخارجية، فإنّ تعامل البلاد إزاء الامواج والحوادث الدولية والإقليمية يجب أن يكون فعّاًلا ومؤثّرًا لا منفعلًا”.

وأردف خامنئي: “إحدى أولوياتنا هي جيراننا. إنّ من ميزات البلد هو وجود العديد من الجيران الذين يصل عددهم الى نحو 14 بلدًا، ويجب العمل على العلاقات معهم. العلاقات مع الدول الأفريقية والاسيوية، توسّع نطاق دبلوماسيّتنا، وهي جزء من أولويّاتنا”.

من جانبه، ألقى الرئيس بزشكيان كلمة في المراسم أثنى فيها على خامنئي، معربًا عن شكره للقائد الأعلى الذي مهّد السبيل للمشاركة المؤثّرة والتنافس ذات المعنى للأفكار والسياسات المختلفة في الدورة الرابعة عشرة للانتخابات الرئاسية.

وقال بزشكيان: “إنّ الذين صوّتوا لصالحي أو لصالح المرشحين المنافسين، وضعوا أمامي مسؤولية بإيجاد تحوّل وتطوّر”، وأضاف: “اليوم صدّق القائد الأعلى على صوت الشعب ووقّع مرسوم رئاسة الجمهورية، وكلّفني رسميًا بذلك بتأدية مسؤولية كبيرة أمام الشعب الايراني”.

وتعهد يزشكيان للشعب وخامنئي أن لا يسلك سبيلًا سوى الانصاف والعدالة للشعب، واعدًا يإسداء الخدمة للشعب بكل ما أوتي من قوة، وبالثبات على درب الشهداء والذين ضحوا بمهجهم من أجل البلاد.

تنفيذ الحكم قانونًا

ربما يُنظر إلى هذه الخطوة في إيران على أنها تشريفية، لأن الرئيس يؤدي كذلك مراسم التحليف أمام البرلمان، لكن حكم التنفيذ الذي يعلنه القائد الأعلى في إيران في الحقيقة هو الذي يؤهل الرئيس بالدرجة الأولى لممارسة صلاحياته، إذ ينصّ الدستور في البند التاسع من المادة 110 على أنّ تنفيذ حكم الرئاسة من صلاحيّات القائد الأعلى. اما بالنسبة للمراسم التي تجري بهذه المناسبة قد تكون عرفية حيث أجريت مع كل الرؤساء المنتخبين في إيران سواء في دورتهم الأولى أو الثانية.

علاقة جوهرية

منذ استلامه مقاليد القيادة في إيران دأب أية الله علي خامنئي على ذكر مناقب الرؤساء المنتخبين خلال خطابه في مراسم التنصيب، الأمر الذي كرره في بزشكيان واصفًا إياه بـ “شخصية حكيمة، صادقة، شعبية وعالمة”. في المقابل أظهر بزشكيان خلال مناظراته وخطاباته في فترة الانتخابات أن لديه علاقة وثيقة بالقائد الأعلى، الأمر الذي أكده بعد مراسم التنفيذ رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيراني ومستشار القائد الأعلى كمال خرازي، حيث أشار إلى أنّ “الثقة الموجودة بين بزشكيان وخامنئي هي أساس مهم جدًا ويجب تعزيزها في الحكومة”.

الطبيب المثقّف

أظهر بزشكيان خلال الأشهر الماضية ارتباطه بالثقافة الإسلامية والأدب الفارسي الإسلامي، لا سيما من خلال استشهاده المستمرّ بخطب ونصائح الإمام علي ابن أبي طالب، واعتماده الكبير على نهج البلاغة، والشعر الفارسي والعربي أحيانًا. وكان آخر هذه الاستشهادات في كلمة التنصيب عندما أشار إلى ما قاله الإمام علي عن أنّ خدمة الناس يجب أن تكون قمّة أولويته وجميع المدراء والوزراء، ويجب أن يحبّوا هؤلاء الناس من كل قلوبهم.
كما اعتبر بزشكيان أنّ تأييد الناس ورضاهم من أهم النقاط التي يمكن من خلالها تقييم عمل الحكومة، مستندًا إلى حديث الإمام علي أيضًا الذي جاء فيه ك: “إنّما یُستَدَلُّ عَلَی الصّالِحینَ بِما یُجری اللّه ُ لَهُم عَلی ألسُنِ عِبادِهِ”.

غياب ذو معنى

وشهدت مراسم تنفيذ حكم الرئاسة كما العادة بعض الهوامش التي عادةً ما تطغى على الحدث الأساس، وتنعكس بشكل واسع على حديث الشارع والاعلام؛ أكثر ما يتم التركيز عليه في هذه المراسم عادة، هي الشخصيات التي تحضر المراسم وتلك التي تتغيّب عنها.

من أبرز الشخصيات التي حضرت المراسم رئيسا السلطتين التشريعية والقضائية، رؤساء المجالس الهيئات الناظمة في البلاد، وكذلك المرشحون المنافسون جميعًا، بمن فيهم سعيد جليلي، كما كان الرئيس الأسبق حسن روحاني من بين الحضور. كما حضرت صورة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي على المنصة الرئيسية بجوار الرئيس المنتخب بالإضافة لصور المسؤولين الأخرين الذين سقطوا إلى جانب الرئيس إبراهيم رئيسي. كذلك أثنى خامنئي في خطابه على رئيسي ووزير الخارجية الراحل حسين امير عبداللهيان. كما كان لافتًا التحية والتمجيد التي وجهها الرئيس المنتخب في بداية خطابه لقائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني الذي اغتالته الولايات المتحدة في بغداد مطلع 2020.

لكنّ الغياب عادةً ما يكون مؤثّرًا أكثر في هذه المراسم، فمنذ غياب الراحل هاشمي رفسنجاني عن مراسم تنصيب أحمدي نجاد عام 2009، بات يشكل الغياب مادة اعلامية وموضوع حوار شعبي واسع.

ولم تكن هذه المراسم استثناء عن القاعدة، حيث شهدت غياب شخصيتين وازنتين سياسيًا على المستوى الداخلي والخارجي، أولهما، الرئيس الايراني الأسبق السيد محمد خاتمي، حيث اعتبره موقع “اقتصاد نيوز” ثاني أكبر الغائبين – بعد الرئيس الراحل رئيسي – متسائلًا عن سبب الغياب، لا سيما مع دعمه الواضح لبزشكيان واللقاء الذي جمعهما بعد الانتخابات.

الشخصية الثالثة الغائبة هو الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، الذي اعتبر الموقع نفسه أنّ عدم ظهوره يُعتبر من أهم حالات الغياب، رغم أنّ أحمدي نجاد كان حاضرًا في اللقاءات السابقة لخامنئي مع مسؤولي البلاد.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: