عباس عراقتشي.. حفيد تاجر السجاد المرشح لوزارة الخارجية
إمامًا للرئيس مسعود بزشكيان، قبل جولتي انتخابه، ظهر أمين المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية عباس عراقتشي، في صلاة جماعة، خلفه بزشكيان وعن يمين الأخير محمد جواد ظريف وعن يساره مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة السابق مجيد تخت راونتشي.
صورة، نشرت، أثناء الحملة الانتخابية لبزشكيان، حملت حينها تفسيرات كثيرة، لمن في الصورة، إمامًا ومأمومين، قبل أن يقدم الرئيس الجديد عراقتشي إلى البرلمان كوزير للخارجية في حكومته، حيث يفصله عن مباشرة أعماله على رأس السلك الدبلوماسي الإيراني ثقة البرلمان التي يتوقع المراقبون أن تمكنه خلفيتة في النظام من نيلها على الرغم من كون أغلبية البرلمان تقع على الضفة السياسية الأخرى من رئاسة الجمهورية.
فمن هو عباس عراقتشي؟
ولد عباس عراقتشي في كانون الأول/ ديسمبر 1962، في عائلة محافظة بطهران تعمل في التجارة والاقتصاد. فقد والده وهو في السابعة عشرة من عمره، وجده كان تاجرًا للسجاد.
لعراقتشي شقيقان أكبر منه، أحدهما عضو في المجلس التنفيذي لاتحاد المصدرين والآخر عضو في اتحاد البائعين. ولكبير المفاوضين النوويين السابق ولدان وابنة واحدة.
حصل عراقتشي على درجة البكالوريوس في كلية العلاقات الدولية بوزارة الخارجية، ودرجة الماجستير بالعلوم السياسية في جامعة آزاد الإسلامية وسط طهران، ونال درجة الدكتوراه في الفكر السياسي من جامعة كينت البريطانية ويجيد اللغتين الإنجليزية والعربية.
تخصصه السياسي لم يمنعه من العمل في الحرس الثوري الإيراني، حيث أنهى عراقتشي خدمته الإلزامية في صفوف الحرس أثناء الحرب العراقية-الإيرانية.
بعد ذلك، التحق عباس عراقتشي بوزارة الخارجية الإيرانية عام 1988 كخبير في الشؤون الدولية، وفي أوائل التسعينيات شغل منصب القائم بأعمال البعثة الإيرانية الدائمة لدى منظمة المؤتمر الإسلامي في السعودية.
عمل لسنوات كمحلل وخبير سياسي وكذلك مسؤول مكتب الدراسات السياسية والدولية للخارجية الإيرانية، كما عُيّن عراقتشي بشكل متزامن سفيرًا لإيران في فنلندا وإستونيا عام 1999، وبقي في هذا المنصب حتى عام 2023، ليعود بعدها فيشغل عددًا من المناصب السياسية داخل إيران، ومنها رئاسة دائرة أوروبا الغربية في الخارجية الإيرانية ورئاسة كلية العلاقات الدولية ومنصب مساعد الشؤون القانونية والدولية في وزارة الخارجية.
عام 2007 عاد عباس عراقتشي للعمل في السلك الدبلوماسي خارج إيران، فعين سفيراً لطهران في اليابان حتى عام 2011حيث تم تكليفه بالتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية خلفًا لرامين مهامنبرست.
لم يبقى الرجل كثيراً في هذا المنصب، فارتقى لموقع أكثر أهمية، فشغل منصب مساعد الشؤون القانونية والدولية في وزارة الخارجية الإيرانية حتى عام 2017.
في عهد وزير الخارجية محمد جواد ظريف تم تعديل هيكلية وزارة الخارجية التنظيمية، فأعاد تحديد المهام الدبلوماسية، إذ تبدّل عنوان منصب عراقتشي إلى مساعد وزير الخارجية الإيراني في الشؤون السياسية وهو المنصب الذي ظل فيه عراقتشي حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2021.
وفي ذلك التاريخ، تم تعيين عراقتشي في منصب أمين المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية بأمر من كمال خرازي رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية.
واحد من صقور المفاوضات النووية
شارك عراقتشي في المفاوضات النووية حتى انتهائها وإصدار خطة العمل الشاملة المشتركة في المفاوضات النووية.
أثناء فترة المفاوضات النووية التي انتهت بتوقيع اتفاق نووي بين إيران والدول الغربية، كان عراقتشي الرجل الثاني في مؤسسة الخارجية الإيرانية التي يرأسها ظريف آنذاك، وهو من أطلق عبارة “الدخان الأبيض” مع اقتراب نجاح المفاوضات.
وعندما بدا الطريق إلى الاتفاق النووي مستوفيًا للشروط، كتب تغريدة لا تخلو من المجاز على تويتر كتب فيها “ارتفاع دخان أبيض من مفاوضات جنيف” في اليوم الأخير من الجولة الأولى من تلك المحادثات، في إشارة للتأكيد على وجود تقدم في مسار المفاوضات النووية مع الدول الغربية ليكون عراقتشي أول مسؤول إيراني يعلن عن اتفاق مرحلي مهد لحدث 2015.
مفاوضات الإحياء بين عهدين
بعد ثلاث سنوات من تطبيق الاتفاق النووي، وفي أيار/ مايو 2018 انسحبت الولايات المتحدة منه، فكانت مفاوضات فيينا وأحياء الاتفاق النووي، في محاولة من الرئيس السابق حسن روحاني لإعادة إحياء الاتفاق.
حينها، بدأت جولات شارك فيها عراقتشي كبيرًا للمفاوضين في آخر عهد روحاني، وقبل أن يتولى رئيسي مقاليد رئاسة الجمهورية قبل تعيينه في منصبه الأخير أمينًا للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية.
وحاليًا، يُنظر إلى عراقتشي على أنه واحد من فريق عمل الوزير السابق محمد جواد ظريف، والذي قد يعوّل عليهم الرئيس الجديد مسعود بزشكيان للمضي قدمًا في خططه لإعادة خطوط التواصل مع الغرب، نظرًا لخبرته السابقة في هذا المجال. لكن ظريف الذي عينه بزشكيان مؤخرًا نائب الرئيس للشؤون الاستراتجية رد على هذه النظرة قائلا إن عراقتشي هو عراقتشي وسيكون له طريقته الخاصة في الإداراة إذا ما تم اختياره لمنصب الخارجية. مضيفًا أن عراقتشي كان وسيظل منفذًا جيدًا لسياسات الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي يتم متابعتها في وزارة الخارجية.