خاتمي ووسائل الإعلام.. من الحظر والعقاب إلى الشاشة
في خضم النشاطات الإعلامية والسياسية التي بدأ الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان عقب الإعلان عن فوزه كان لافتًا قيام الإعلام الرسمي وشبه الرسمي بتغطية لقاءه مع زعيم التيار الإصلاحي الرئيس الأسبق محمد خاتمي الذي لم يكن يسمح للإعلام بتغطية أخباره، حيث تعرضت بعض الصحف في هذا السياق للعقاب خلال السنوات الماضية.
على الرغم أن هذا التطور جاء على التلفزيون الإيراني دون ذكر اسم خاتمي، إلا أن هذا المشهد فتح المجال للسؤال حول حقيقة ومصير ما قيل سابقًا عن وجود قرار بمنع الظهور الإعلامي للرئيس الأسبق منذ احتجاجات عام 2009 المعروفة بـ”الحركة الخضراء” والتي جاءت على إثر احتجاج التيار الإصلاحي على نتيجة انتخابات ذلك العام التي أفضت لفوز الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
بالعودة إلى يوم الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية يمكن الحصول على مشهدين مختلفين أحدهما لما اسمته بعض وسائل الإعلام الإيرانية تجاهل الرئيس خاتمي لسؤال موجه من مراسل الإذاعة والتلفزيون داخل حسينية “جماران” التي أدلى فيها زعيم التيار الإصلاحي برأيه. أما المشهد الأخر فهو الذي نشره موقع “جماران” لخاتمي وهو يجيب على سؤال من مراسل الإذاعة والتلفزيون بعد خروجه من الحسينية، حيث قال الموقع الإصلاحي إن التلفزيون الرسمي لم ينشر تلك المقابلة.
بعد الانتخابات أوردت وكالة “مهر” شبه الرسمية لقاء بزشكيان بخاتمي ونشرت صورة اللقاء، فيما قام التلفزيون الرسمي في أحد تقاريره عن فعاليات الرئيس الجديد بالإشارة إلى اللقاء المذكور بالتزامن مع عرض صورته مرجعًا هذا الخبر إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فضلًا عن أنه لم يذكر اسم خاتمي، مكتفيًا بوصفه رئيس الحكومة السابعة والثامنة.

ما بين اليوم والأمس
في عام 2015 ذكرت كلًا من وكالة “ميزان” التابعة للسلطة القضائية، ووكالة “ايسنا”، نقلاً عن مصدر قضائي مطلع، أن “رئيس دائرة المحاكم الثقافية والإعلامية” أعلن عن ارتكاب مخالفة جنائية من قِبل رئيس تحرير جريدة “اطلاعات” شبه الرسمية بسبب نشره صورة وتصريحات لرئيس الجمهورية السابق محمد خاتمي، وطالب بالتحقيق عبر “محكمة الروحانيات الخاصة”.
وأفاد المصدر القضائي أن “أمر المدعي العام في طهران بمنع نشر صورة وتصريحات محمد خاتمي لا يزال ساريًا، وسيتم اتخاذ إجراءات ضد وسائل الإعلام والصحف في حال ارتكابها مخالفة وفقًا للقوانين المعمول بها”.
الجدير ذكره أن الاستناد في هذا الإجراء كان يتم عبر الحديث عن وجود قرار من المجلس الأعلى للأمن القومي يقضي بمنع الظهور الإعلامي للرئيس خاتمي، وهو الأمر الذي نفاه الرئيس السابق حسن روحاني عام 2016، وأكد في مؤتمر صحفي أن المجلس الأعلى للأمن القومي لم يصدر قرارًا بشأن منع ظهور محمد خاتمي في وسائل الإعلام. وأشار روحاني إلى حوار دار بينه وبين علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي آنذاك، نافيًا أن تكون أمانة المجلس قد أصدرت أي قرار في هذا الصدد، وحتى إذا كان هناك قرار، فإنه سيكون وفق روحاني “غير قانوني”. كما وصف روحاني تصريحات مسؤولي السلطة القضائية حول منع ظهور محمد خاتمي بناءً على قرار المجلس الأعلى للأمن القومي بأنها “مزحة”.
وبعد يوم من تصريحات روحاني، أدلى المتحدث باسم السلطة القضائية حينها، غلام حسين محسني ايجئي الذي يرأس السلطة الأن بتصريح يفيد بأن هذا المنع يستند إلى قرار من المجلس الأعلى للأمن القومي رقم ٢٩٨. في المقابل، لم يجب متحدث السلطة القضائية مسعود ستايشي العام الماضي أي في ظل ترأس محسين إيجئي للسلطة عن سؤال حول وجود تغيير في قرار منع خاتمي من الظهور الإعلامي على إثر تداول وسائل الإعلام المختلفة للأخبار والصور المتعلقة بالرجل، حيث أجاب ستايشي أن هذه مسؤولية وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامية وهذا السؤال يجب أن يوجه لهما.
على إثر ما تقدم، وفي ظل وصول أول رئيس إصلاحي إلى السلطة التنفيذية في إيران بعد خاتمي هل سيحصل هذا التيار على فرصة ليخاطب الشارع الإيراني من خلال الوسائل والمنصات الرسمية التي لا يملك الرئيس في إيران سلطة عليها بل ترسم استراتجياتها العامة ويُعين المسؤول عنها من قبل القائد الأعلى للبلاد.