سعيد جليلي.. المتشدد الذي يعوّل عليه الأصوليون
نجح المرشح للانتخابات الرئاسية الإيرانية سعيد جليلي بالتربع على رأس قائمة المرشحين الأصوليين في الجولة الأولى من الانتخابات، لكنه بقي ثانيًا خلف منافسه الإصلاحي مسعود بزشكيان.
وقبل انطلاق الجولة الثانية من الانتخابات، أسئلة عديدة طُرحت في الفترة الماضية، وتحديدًا بعد نسبة الاقتراع الضئيلة من جهة، وتدني عدد المقترعين للمرشحين الأصوليين من جهة أخرى، ما يشير إلى تبعثر هذه الأصوات مقارنة بالانتخابات التي فاز بها الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.
وبين الجولة الأولى والثانية، لم يتغير الكثير، حيث بقي جليلي عند مواقفه المتشددة لجهة رفض التفاوض مع الغرب، وإعادة إحياء الاتفاق النووي، أو حتى العودة للانخراط في مجموعة العمل المالي.
هذا الانغلاق خارجيًا، رافقه تشدد في المواقف على المستوى الداخلي، حيث كرر تأكيده بأنه في حال فوزه في الانتخابات، فإن حكومته لن تتراجع عن بعض القوانين المتعلقة بإلزامية الحجاب أو فرض رقابة على الإنترنت.
واعتبر جليلي، في المناظرة الأخيرة بينه وبين بزشكيان، أنه من غير المنطقي أن تلتزم إيران بالاتفاق النووي من دون أن يلتزم الطرف الآخر بتعهّداته.
ولم يوفّر جليلي الفرصة لإلقاء اللوم على حكومة الرئيس الأسبق حسن روحاني في تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، حيث شدد على أنّ حكومة الرئيس حسن روحاني قلّلت من أهمية مشاريع الإسكان، وإنّ خطته تعتمد على استخدام القدرات الوطنية لمواجهة العقوبات وتحقيق النمو الاقتصادي.
وستكون انتخابات الدورة الثانية مفصلًا ليس فقط لشخص جليلي، بل أيضًا للتيار الأصولي التي برزت انقسامات في داخله خلال الفترة الماضية، رغم أن جليلي يُعتبر من صقور هذه الجبهة.
من هو سعيد جليلي؟
من قدمه التي خسرها في الحرب العراقية الإيرانية، مرورًا برسالة الماجستير التي قدمها بعنوان “السياسة الخارجية للنبي”، وصولًا إلى استلامه ملف المفاوضات النووية في عهد الرئيس أحمدي نجاد، كلها محطات تختصر شخصية المرشح للانتخابات الرئاسية في إيران سعيد جليلي.
هو “الابن الوفي للثورة الإسلامية في إيران، والرجل الغامض” حسب وصف دبلوماسيين غربيين. متشبعًا بعقيدة النظام الإيراني، بدأ جليلي حياته متطوعًا في الحرب، قبل أن يعود إلى مقاعد الدراسة ليحصل على الماجستير عام 1990 ومن ثم الدكتوراه حيث حملت أطروحته عنوان “التعبير عن الفكر السياسي للإسلام في القرآن”، والتي أشرف عليها أحمد علم الهدى، خطيب جمعة مشهد ووالد زوجة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.
توازيًا مع مساره الأكاديمي، تدرّج جليلي، في مناصب عدة بوزارة الخارجية ومؤسسة القيادة إلى أن انتقل لأمانة المجلس الأعلى للأمن القومي في عهد الرئيس السابق أحمدي نجاد. الأمر الذي جعله كبيرًا للمفاوضين النووين منذ عام 2007. واستمر في هذه المهمة إلى الوقت الذي نُصب فيه الرئيس حسن روحاني عام 2013. منذ ذلك الوقت، احتفظ جليلي بعضوية في المجلس الأعلى للأمني القومي كممثل للقائد الأعلى الذي يحق له تعيين عضوين في المجلس كممثلين عنه. فضلًا عن ذلك، لا يزال سعيد جليلي عضوًا في مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يعين القائد الأعلى رئيسه وأعضاءه.
خلال فترة توليه أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، قاد سعيد جليلي المفاوضات النووية مع المجموعة الدولية خمس سنوات، لكن لم تسجل خلال هذه الفترة نجاحات في حلحلتها، بل زاد الأمر تعقيدا، حيث صدرت ضد إيران 3 قرارات أممية في مجلس الأمن الدولي، فضلًا عن عقوبات أميركية وأوروبية وأممية.
ووصف العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين جليلي، في حديث لرويترز في تلك الفترة، بأنه شخص يعبر عن آرائه بقوة وثبات. حتى أن أحد الدبلوماسيين أشار إلى أن جليلي “تخصص في المونولوغ” بدلاً من الانخراط في النقاش.
كما وصف مدير وكالة المخابرات المركزية بيل بيرنز جليلي في مذكراته بأنه “غامض إلى حد مذهل”. حيث كان بيرنز أحد أعضاء فريض التفاوض الأميركي أنذاك.
لكن بعد فوز حسن روحاني بالانتخابات عام 2013، استبدل جليلي من منصبه وعين الأدميرال علي شمخاني مكانه، لكن “رجل الظل” بقي أحدَ الممثلين الاثنين للقائد الإيراني في المجلس.
وفي 2013، عيّنه خامنئي عضواً في مجلس تشخيص مصلحة النظام، وفي عام 2014 أيضا أصبح عضوا في المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية.
محاولات سابقة للوصول إلى رئاسة الجمهورية
سبق أن ترشح سعيد جليلي مرتين للانتخابات الرئاسية الإيرانية عامي 2013 و2021، في المرة الأولى حصل على أكثر من 4 ملايين صوت وحل ثالثا بين المرشحين، لكن في ترشحه الثاني انسحب من السباق الرئاسي قبل يومين من إجراء الانتخابات لصالح أبرز المرشحين المحافظين حينها إبراهيم رئيسي.
ويوصف جليلي بأنه أحد المتشددين في التيار الأصولي، ما قد يزيد الشرخ في هذه الجبهة خلال الانتخابات الحالية، مع وجود أكثر من مرشح منتمٍ إلى هذا الفريق.
هذا الانقسام في التيار الأصولي، يقابله هجوم حاد من قبل جبهة الإصلاح، التي تصف جليلي بأنه “خطر على علاقات إيران الخارجية”، نظرًا لتشدده في هذه الملفات وتحديدًا في المفاوضات النووية.
فقبل عام، عندما سعت حكومة رئيسي إلى إحياء الاتفاق النووي، ألقى جليلي خطابًا ووصف إحياء الاتفاق النووي بأنه تكرار للتجربة المريرة.