الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة16 يونيو 2024 11:19
للمشاركة:

“الشهيد الحي” بنظر مناصريه.. من هو سعيد جليلي؟

من قدمه التي خسرها في الحرب العراقية الإيرانية، مرورًا برسالة الماجستير التي قدمها بعنوان "السياسة الخارجية للنبي"، وصولًا إلى استلامه ملف المفاوضات النووية في عهد الرئيس أحمدي نجاد، كلها محطات تختصر شخصية المرشح للانتخابات الرئاسية في إيران سعيد جليلي.

هو “الابن الوفي للثورة الإسلامية في إيران، والرجل الغامض” حسب وصف دبلوماسيين غربيين. متشبعًا بعقيدة النظام الإيراني، بدأ جليلي حياته متطوعًا في الحرب، قبل أن يعود إلى مقاعد الدراسة ليحصل على الماجستير عام 1990 ومن ثم الدكتوراه حيث حملت أطروحته عنوان “التعبير عن الفكر السياسي للإسلام في القرآن”، والتي أشرف عليها أحمد علم الهدى، خطيب جمعة مشهد ووالد زوجة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.

توازيًا مع مساره الأكاديمي، تدرّج جليلي، في مناصب عدة بوزارة الخارجية ومؤسسة القيادة إلى أن انتقل لأمانة المجلس الأعلى للأمن القومي في عهد الرئيس السابق أحمدي نجاد. الأمر الذي جعله كبيرًا للمفاوضين النووين منذ عام 2007. واستمر في هذه المهمة إلى الوقت الذي نُصب فيه الرئيس حسن روحاني عام 2013. منذ ذلك الوقت، احتفظ جليلي بعضوية في المجلس الأعلى للأمني القومي كممثل للقائد الأعلى الذي يحق له تعيين عضوين في المجلس كممثلين عنه. فضلًا عن ذلك، لا يزال سعيد جليلي عضوًا في مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يعين القائد الأعلى رئيسه وأعضاءه.

فماذا نعرف عن سعيد جليلي؟

سعيد جليلي من مواليد 1965 في مدينة مشهد شمال شرقي إيران، التي انحدر منها الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، وهو خريج اللغة الفرنسية، وكان معلماً بالأساسية.

أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في مدينة مشهد. وبعدها تابع تحصيله العلمي في جامعة إيران للعلوم والتكنلوجيا في طهران، حيث نال شهادة الدكتوراه في فرع المعارف الإسلامية والعلوم السياسية.

شارك جليلي في الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي، وفقد فيها ساقه اليمنى في الـ21 من عمره، وأصبح يلقبه أنصاره بـ”الشهيد الحي”. ومن ثم التحق عام 1989 بالخارجية الإيرانية، وسرعان ما تقلد المناصب العليا فيها، ليتولى في الـ26 من عمره رئاسة دائرة التفتيش بالوزارة، وبقي في المنصب حتى عام 1996 وفي عام 1997، في عهد حكومة الرئيس الأسبق محمد خاتمي، أصبح نائب رئيس الدائرة الأولى لأميركا.

ولاحقًا في عام 2001، انتقل إلى مكتب القائد الإيراني الأعلى علي خامنئي، وتولى إدارة التحقيقات الجارية في مؤسسة القيادة.

وفي حكومة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، عاد سعيد جليلي إلى الخارجية الإيرانية وأصبح عام 2005 نائب الوزير لشؤون أوروبا وأميركا في الخارجية، ثم بعد استقالة علي لاريجاني، عيّنه أحمدي نجاد بعد موافقة القائد الأعلى، عام 2007، أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.

عقبات المفاوضات النووية

وخلال فترة توليه أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، قاد سعيد جليلي المفاوضات النووية مع المجموعة الدولية خمس سنوات، لكن لم تسجل خلال هذه الفترة نجاحات في حلحلتها، بل زاد الأمر تعقيدا، حيث صدرت ضد إيران 3 قرارات أممية في مجلس الأمن الدولي، فضلًا عن عقوبات أميركية وأوروبية وأممية.

ووصف العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين جليلي، في حديث لرويترز في تلك الفترة، بأنه شخص يعبر عن آرائه بقوة وثبات. حتى أن أحد الدبلوماسيين أشار إلى أن جليلي “تخصص في المونولوغ” بدلاً من الانخراط في النقاش.

كما وصف مدير وكالة المخابرات المركزية بيل بيرنز جليلي في مذكراته بأنه “غامض إلى حد مذهل”. حيث كان بيرنز أحد أعضاء فريض التفاوض الأميركي أنذاك.

لكن بعد فوز حسن روحاني بالانتخابات عام 2013، استبدل جليلي من منصبه وعين الأدميرال علي شمخاني مكانه، لكن “رجل الظل” بقي أحدَ الممثلين الاثنين للقائد الإيراني في المجلس.

وفي 2013، عيّنه خامنئي عضواً في مجلس تشخيص مصلحة النظام، وفي عام 2014 أيضا أصبح عضوا في المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية.

محاولات سابقة للوصول إلى رئاسة الجمهورية

سبق أن ترشح سعيد جليلي مرتين للانتخابات الرئاسية الإيرانية عامي 2013 و2021، في المرة الأولى حصل على أكثر من 4 ملايين صوت وحل ثالثا بين المرشحين، لكن في ترشحه الثاني انسحب من السباق الرئاسي قبل يومين من إجراء الانتخابات لصالح أبرز المرشحين المحافظين حينها إبراهيم رئيسي.

ويوصف جليلي بأنه أحد المتشددين في التيار الأصولي، ما قد يزيد الشرخ في هذه الجبهة خلال الانتخابات الحالية، مع وجود أكثر من مرشح منتمٍ إلى هذا الفريق.

هذا الانقسام في التيار الأصولي، يقابله هجوم حاد من قبل جبهة الإصلاح، التي تصف جليلي بأنه “خطر على علاقات إيران الخارجية”، نظرًا لتشدده في هذه الملفات وتحديدًا في المفاوضات النووية.

فقبل عام، عندما سعت حكومة رئيسي إلى إحياء الاتفاق النووي، ألقى جليلي خطابًا ووصف إحياء الاتفاق النووي بأنه تكرار للتجربة المريرة.

ماذا لو فاز جليلي بالانتخابات؟

ورغم الانقسامات في التيار الأصولي، إلا أن جليلي يبقى من أبرز المرشحين في هذه الانتخابات، وفي حال فوزه، فإن خططه الحكومية كان قد فنّدها خلال مقابلات ولقاءات أجراها بعد موافقة مجلس صيانة الدستور على ترشحه للانتخابات الرئاسية.

وقال جليلي خلال واحدة منها، إنه “من اليوم التالي للانتخابات سنبدأ العمل بالقرارات الاستراتيجية”، لافتًا إلى “أننا شكلنا العشرات من فرق العمل المتخصصة لمراقبة مشاكل البلاد وتصميم حلول جديدة تحت عنوان خطاب حكومة الظل”.

وأضاف: “سافرت إلى مناطق مختلفة من البلاد أكثر من 140 مرة وتعرفت على مشاكل الناس والطبقات المختلفة”.

وفي هجوم على الرئيس حسن روحاني دون أن يسميه، قال جليلي: “الحكومة التي سبقت حكومة رئيسي كانت تدعي استحالة بيع النفط لكننا قدمنا الحل ووصلت مبيعات النفط إلى 1.5 مليون برميل يوميا”.

وتابع قائلًا: “وجهت عشرات الرسائل إلى القائد الأعلى والرؤساء؛ ورحب الراحل رئيسي بكل رسالة وتابعها بتعاطف”، مشددًا على أن “الذين عطلوا البلاد لسنوات من أجل 3 أو 4 دول، سلكوا طريقا خاطئا، ولم تكن هناك أي نتيجة تذكر”.

لمتابعة تغطية “جاده إيران” للانتخابات الرئاسية الإيرانية تحت عنوان “إيران.. الصندوق بعد المروحية” إضغط هنا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: