الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة18 يونيو 2024 11:49
للمشاركة:

إيران وأميركا على عتبة انتخابات رئاسية.. مقارنة منهجية بين النظامين السياسيين

مقدمة:

النظام السياسي في إيران، الذي يستند إلى نظرية “ولاية الفقيه”، يقدم نموذجًا فريدًا يجمع بين القيادة الدينية والدنيوية في يد القائد الأعلى. هذا النظام، المتميز بتداخل بين السلطة الدينية والسياسية، يهدف إلى إدارة البلاد ضمن إطار من الضوابط المؤسسية والرقابة الذاتية. في هذه الدراسة، سنستعرض دور وصلاحيات القائد الأعلى في إيران، موقع الرئيس الإيراني في النظام السياسي، ونعقد مقارنة بينهما وبين الرئيس الأميركي، مع التركيز على آلية اتخاذ القرار ومدى تأثير كل منهم في النظام السياسي.

القائد الأعلى في إيران: تعريف وصلاحيات

  • تعريف القائد الأعلى:

القائد الأعلى في إيران هو القائد الأعلى للبلاد ويجمع بين القيادة الدينية والدنيوية. وفقًا للدستور الإيراني، يجب أن يكون القائد الأعلى فقيهًا جامعًا للشرائط، بمعنى أنه يجب أن يتمتع بمستوى عالٍ من العلم الديني والقدرة على إدارة شؤون الدولة. هو ليس فقط قائدًا دينيًا بل أيضًا قائدًا سياسياَ يدير مشروع البلاد الديني والدنيوي.

  • صلاحيات القائد الأعلى حسب الدستور:
  1. قيادة شاملة:
    1. القائد الأعلى هو رئيس الدولة والقائد العام للقوات المسلحة. يحدد السياسات العامة للبلاد ويوجهها استراتيجيًا. يشرف على تنفيذ هذه السياسات من خلال تعيين كبار المسؤولين، مثل رئيس السلطة القضائية وقادة الجيش ومجمع تشخيص مصلحة النظام.
  2. التوجيه والرقابة:
    1. يتمتع القائد الأعلى بصلاحية إصدار الأوامر والتوجيهات المتعلقة بالشؤون السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية. يتدخل في إدارة شؤون الدولة في الأزمات الكبرى أو عندما تتطلب المصلحة العليا للبلاد ذلك.
  3. تعيينات هامة:
    1. يعين القائد الأعلى رئيس السلطة القضائية، قادة الجيش، وأعضاء المجالس الاستشارية مثل مجمع تشخيص مصلحة النظام. هذه التعيينات تعزز من دوره كموجه للسياسات العامة والمشرف على توازن القوى في البلاد.
  4. الرقابة الذاتية والمؤسسية:
    1. يخضع القائد الأعلى لمراقبة مجلس الخبراء، الذي يمتلك صلاحية عزله إذا فقد أحد شروط القيادة (مثل العدالة والكفاءة). بالإضافة إلى ذلك، يضمن النظام المؤسسي في إيران توزيع السلطة بين مختلف الهيئات مثل السلطة التنفيذية (مؤسسة الرئاسة والحكومة) مجلس الشورى الإسلامي ومجلس الامن القومي، مما يعزز من التوازن والرقابة على السلطة العليا.
  • قيادة مشروع البلاد:

القائد الأعلى لا يقتصر دوره على الإدارة السياسية، بل يمتد ليشمل توجيه المشروع الحضاري والديني للبلاد. يعتبر القائد الأعلى هو الموجه العام الذي يوجه استراتيجية الدولة في مختلف المجالات، بينما تعمل المؤسسات الأخرى بصلاحيات مثبتة تحت إشرافه لتحقيق رؤية شاملة ومتوازنة لإيران.

الرئيس في إيران: دور وصلاحيات

  • تعريف وموقع الرئيس في النظام الإيراني:

الرئيس في إيران هو الشخص الثاني في هرم السلطة بعد القائد الأعلى. يتم انتخابه مباشرة من الشعب لفترة رئاسية مدتها أربع سنوات، ويمكن إعادة انتخابه لفترة ثانية. يترأس الرئيس السلطة التنفيذية ويشرف على إدارة الحكومة وتنفيذ السياسات الوطنية.

  • صلاحيات الرئيس حسب الدستور:
  1. إدارة السلطة التنفيذية:
    1. الرئيس هو المسؤول عن تنفيذ القوانين والسياسات التي يقرها مجلس الشورى الإسلامي. يقود الحكومة ويشرف على الجهاز التنفيذي للدولة، بما في ذلك الوزارات والمؤسسات الحكومية.
  2. السياسة الخارجية:
    1. يشارك الرئيس في تحديد وتنفيذ السياسات الخارجية للدولة، بالتنسيق مع القائد الأعلى. يقوم بتعيين السفراء والممثلين الدبلوماسيين، ويترأس اجتماعات مجلس الأمن القومي.
  3. الاقتصاد والتنمية:
    1. يلعب الرئيس دورًا رئيسيًا في صياغة السياسات الاقتصادية وتنفيذ خطط التنمية. يشرف على إعداد الميزانية الوطنية وتنفيذها، ويقود جهود تحسين الاقتصاد الوطني.
  4. القيود المؤسسية:
    1. رغم الصلاحيات الواسعة، يجب على الرئيس العمل ضمن إطار التعاون مع المؤسسات الأخرى مثل مجلس الشورى الإسلامي، مجلس الأمن القومي، ومجمع تشخيص مصلحة النظام. والسلطة القضائية، هذه المؤسسات تضمن أن تكون قرارات الرئيس متوازنة ومتوافقة مع السياسات العامة للبلاد.

مقارنة بين النظامين الإيراني والأميركي:

  • دور القائد الأعلى والرئيس في إيران:
  1. القائد الأعلى:
    1. يمثل القائد الأعلى رأس هرم السلطة في إيران، حيث يملك صلاحيات واسعة تشمل التوجيه الاستراتيجي والقيادة العليا. يتمتع بمكانة فريدة تجمع بين القيادة الدينية والدنيوية، مما يجعله القائد الأعلى لكل المؤسسات السياسية والعسكرية في البلاد.
  2. الرئيس الإيراني:
    1. هو قائد السلطة التنفيذية، وهو قيادة منتخبة، ويشرف على إدارة الشؤون اليومية للدولة. يتمتع بصلاحيات كبيرة، لكنه يعمل تحت إشراف وتوجيه النظام، ويتوجب عليه التنسيق مع المؤسسات الأخرى لضمان تنفيذ السياسات الوطنية بشكل متوازن.
  • دور الرئيس في الولايات المتحدة:
  1. القيادة التنفيذية:
    1. الرئيس الأميركي هو رأس السلطة التنفيذية ويشرف على تنفيذ القوانين والسياسات الحكومية. يتمتع بصلاحيات واسعة لإصدار الأوامر التنفيذية واتخاذ القرارات في الحالات الطارئة. يشغل أيضًا منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مما يمنحه سلطة كبيرة في الشؤون العسكرية.
  2. التوازن المؤسسي:
    1. يعمل الرئيس ضمن نظام سياسي قائم على فصل صارم بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. الكونغرس يتمتع بسلطة تشريعية قوية ويمكنه التحقيق في أعمال الرئيس وحتى عزله إذا لزم الأمر. المحكمة العليا لديها سلطة مراجعة دستورية القوانين والإجراءات الرئاسية، مما يضمن أن تظل السلطة التنفيذية تحت الرقابة المستمرة.
  • مقارنة في ممارسات السلطة:
  1. القائد الأعلى في إيران:
    1. يتدخل في إدارة الدولة في الحالات الضرورية فقط، وقد استخدم هذا الحق نادرًا منذ انتصار الثورة الإسلامية. سلطته تشمل توجيه السياسات الاستراتيجية الكبرى، مع ترك التنفيذ اليومي للسياسات للمؤسسات الأخرى مثل الرئاسة ومجلس الشورى.
  2. الرئيس الأميركي:
    1. يستخدم الرئيس الأميركي صلاحياته التنفيذية بشكل أكثر تواترًا في القرارات اليومية. مثال على ذلك، الرئيس دونالد ترامب، الذي أصدر عددًا كبيرًا من الأوامر التنفيذية والمذكرات الرئاسية خلال فترة ولايته. هذه الأدوات تتيح للرئيس تنفيذ سياساته بسرعة، على الرغم من خضوعه للضوابط والتوازنات المؤسسية.

الخلاصة:

النظام السياسي الإيراني يعكس توازنًا دقيقًا بين القيادة المركزية المتمثلة في القائد الأعلى والسلطات المختلفة التي تمارس مهامها اليومية تحت إشرافه. القائد الأعلى يقود البلاد بمزيج من السلطة الدينية والدنيوية، مع مراعاة الضوابط الذاتية والمؤسسية التي تحكم ممارسة سلطاته.

في المقابل، النظام السياسي الأميركي يعتمد على فصل صارم بين السلطات الثلاث، حيث يتمتع الرئيس بصلاحيات تنفيذية كبيرة ولكنه يخضع لرقابة مستمرة من الكونغرس والمحكمة العليا. هذه المقارنة تسلط الضوء على كيفية تحقيق الأنظمة السياسية المختلفة للتوازن بين القيادة المركزية والرقابة المؤسسية، مما يتيح فهمًا أعمق لكيفية عمل هذه الأنظمة في السياقات المختلفة.

مراجع:

  • دستور جمهورية إيران الإسلامية
  • دستور الولايات المتحدة الأميركية
  • دراسات حول نظرية ولاية الفقيه
  • تحليلات حول النظام السياسي الأميركي

لمتابعة تغطية “جاده إيران” للانتخابات الرئاسية الإيرانية تحت عنوان “إيران.. الصندوق بعد المروحية” إضغط هنا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: