80 متقدمًا لانتخابات رئاسة إيران.. ماذا وراء عزوف مخبر؟
أعلن مجلس صيانة الدستور على لسان المتحدث باسمه هادي طحنان نظيف عن بدء المجلس عملية فحص أوراق المتقدّمين للترشح لانتخابات الدورة الـ14 لرئاسة الجمهورية، وذلك على إثر سقوط المروحية التي كانت تقلّ الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ووفد مرافق له في 19 أيار/ مايو الماضي، مما أدى إلى مقتل كل ركّاب المروحية، فباتت رئاسة البلاد بذلك شاغرة.
وسيعمل مجلس صيانة الدستور خلال المهلة القانونية (خمسة أيام) على فحص ملفات المرشحين، على أن تعلن الأسماء المقبولة في 11 حزيران/ يونيو الجاري. وتمّ الاثنين إغلاق باب الترشح للرئاسة، وكان 80 شخصًا قد قدّموا أوراق ترشحهم.
وكان مفاجئًا انكفاء بعض الوجوه الحاضرة دومًا في الانتخابات عن الترشح، أبرزهم القائد الأسبق للحرس الثوري محسن رضائي، فضلًا عن عدم ترشح القائم بأعمال الرئيس محمد مخبر، مما لفت الأنظار أيضًا.
وفي كلمة له بالتوازي مع اليوم الأخير لتقديم طلبات الترشح للانتخابات، قال القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي خلال خطابه بمناسبة الذكرى الـ35 لرحيل مؤسس الجمهورية في إيران روح الله الخميني، إن الشعب يحتاج لرئيس نشيط ومجتهد وواسع المعرفة، وواعي ومؤمن بمبادئ الثورة، لكي يثبَّت العمق الاستراتيجي للنظام ويحافظ على مصالحه في المعادلات الدولية.
وطالب خامنئي المترشحين بأن يقلّلوا من مستويات النزاعات، والترفّع عن الإهانات والشتائم وتوجيه التُّهم، مشيرًا إلى أنّ الانتخابات ستشهد منافسة كبيرة بين المرشحين، وسيعكس مشهدها خدمة الشعب وليس صراعًا لكسب السلطة.
المتقدمون الـ80
ويكشف التاريخ المهني لأبرز الذي تقدّموا بترشيحهم عن تقدّم خمسة مسؤولين من الحكومة الحالية بأوراق ترشحهم، وهم مهرداد بذرباش، محمد مهدي إسماعيلي، صولت مرتضوي، أمير حسين قاضي زاده هاشمي وداوود منظور.
وتقدّم أربعة مسؤولين سابقين من حكومة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني بأوراق ترشحهم، وهم إسحاق جهانغيري، عبد الناصر همتي، عباس آخوندي ومحمد شريعتمداري.
أما البرلمانيون الحاليون، فقد تقدّم تسعة منهم بأوراق ترشحهم، بما نسبته 12%، أما من البرلمانيين السابقين فقد ترشحّ 43 منهم، بما نسبه 54%.
إضافة إلى ذلك، تقدّم ثمانية من مسؤولي حكومة الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد بأوراق ترشحهم، أبرزهم محمد رضا إسكندري، شمس الدين حسيني، محمد رضا ميرتاج الديني، علي نيكزاد ومحمد مهدي زاهدي.
أبرز الغائبين
كان انكفاء شخصية مثل فتّاح ورضائي أمرًا أثار الدهشة، وفي هذا الصدد، علّق مصدر مطلع من طهران لـ”جادة إيران”: “يعود السبب وراء عدم ترشح فتاح ورضائي في الانتخابات الرئاسية إلى مرض كلٍ منهما”.
كذلك كشف مصدر آخر لـ “جادة إيران” عن نيّة كانت لدى القائد السابق للحرس الثوري محمد علي جعفري للترشح في الانتخابات، وكانت هناك رغبة لدى البعض لدفعه إلى ذلك، لكن نظرًا لكون ذلك سيؤثّر على ترشح سعيد جليلي، فقد جرى الاتفاق على العزوف عن الأمر والتركيز على دعم جليلي.
لكن السؤال الذي يُطرح هو عن سبب عدم ترشح مخبر، وإن كان وراء ذلك نيّة بتشكيل تحالف يضمّه مع آخرين؟
تولى مخبر (68 عامًا) بحكم منصبه نائبًا أوَّل لرئيس الجمهورية منصب القائم بأعمال الرئيس. وفي لقاء القائد الأعلى الإيراني مع أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني، في طهران، قال خامنئي عن وفاة رئيسي: “خسارة رئيس كامل الأوصاف أمر صعب، لكن رغم هذه الخسارة فإن حركة البلاد لن تتغير”. وأضاف: “نفس مستوى العلاقات والثقة بين إيران وقطر ستستمر في رئاسة محمد مخبر”.
وبعثت تصريحات خامنئي في هذا اللقاء برسالة تفيد بأنّ مخبر طريقه ممهّد لخوض الانتخابات الرئاسية المبكرة والوصول إلى رئاسة الجمهورية لمدة أربع سنوات.
وصرّح مخبر الأربعاء الماضي على هامش اجتماع مجلس الوزراء: “نحن حمّالين فقراء، ما لنا وما للانتخابات؟”. ثم صرّح مرّة أخرى: “ليس لدينا همٌّ في هذه اللحظة سوى الخدمة والمتابعة”.
بدوره تحدث موقع صحيفة “دنياي اقتصاد” عن وجود اتفاق مهم وسري بين بعض التيارات الأصولية أدى إلى عدم ترشح مخبر.
وقالت “دنياي اقتصاد” إنّ اجتماعًا غير مسبوق عُقِدَ بين القائد الأسبق للحرس الثوري الإيراني محسن رضائي ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف بحضور مخبر، حيث استقرّوا على ترشح قاليباف لرئاسة الجمهورية. وحسم هذا الاتفاق قرار قاليباف تجاه المشاركة من عدمها في الانتخابات الرئاسية. وعلى هذا الأساس، لم يتقدّم مخبر الذي لديه خلافات مع بعض التيارات داخل الحكومة، بأوراق ترشحه إلى الانتخابات.
وفي السياق، نفى رضائي بعض الشائعات التي انتشرت بشأنه مؤخّرًا، حيث أصدر مكتبه بيانًا جاء فيه: “بعد ما تردّدت شائعات وتكهّنات إعلامية عن أسباب عدم حضور محسن رضائي في منافسات الانتخابات الرئاسية، يعلن إنّ عدم ظهوره جاء بهدف المساعدة في بناء توافق ووحدة قوى الثورة، وما نشرته بعض وسائل الإعلام من شائعات، مفادها بأنّ اللقاء المشترك بينه وبين القائم بأعمال الرئيس مع أحد المرشحين للانتخابات كان مشبوهًا وربما ذا أغراض سياسية وتيارية”.
وفي هذا الشأن، أوضح مصدر مطلع لـ”جادة إيران” إنّ مخبر ومنذ اليوم الأول لتولّيه منصب القائم بأعمال الرئيس أبلغ القيادات العليا بعدم رغبته بالترشح للرئاسة. ويُعتبر مخبر أحد المقرّبين من قاليباف، وأحد رجاله داخل حكومة رئيسي.
وبعد وفاة رئيسي، كان فريقه المقرّب (حلقة مقداد) يأمل باستمرار الحكومة الحالية بشكل أو بآخر، من خلال الدفع بمرشح عنهم (محمد مهدي إسماعيلي، داود منظور أو صولت مرتضوي)، لكنّ الفكرة لم تلقَ قبولًا، فرئيسي كان مشروعًا قائمًا على شخصه، وانتهى بغيابه عن الساحة السياسية، كما ينظر للأمر بعض المراقبين.
ويبدو من الصورة الحالية للمرشحين وقبل التصديق النهائي لمجلس صيانة الدستور، أنّ جبهة “الصمود” تبرز وبقوّة من خلال مرشحها جليلي، كمرشح وازنٍ، بالإضافة إلى قاليباف الذي يمثّل الأصوليين التقليديين، وجهانغيري ولاريجاني كمرشحين عن التيارين الإصلاحي والمعتدل