باقري كني.. حِمْلُ المشقّات الدبلوماسية يتّسع
مع تعيينه قائمًا بأعمال وزارة الخارجية بعد رحيل لحسين أمير عبد اللهيان، يزداد الحمل على أكتاف علي باقري كني الذي خاض بحار المفاوضات النووية الشاقة لأشهر طويلة، من دون أن يصل مع الغرب إلى اتفاق يعيد عبره ما اكتسبته بلاده في الاتفاق النووي الشهير.
انتقال المسؤولية لباقري كني في وزارة الخارجية وإن كان يخضع دستوريًا لتقدير القائم بأعمال رئيس الجمهورية محمد مخبر، إلا أنه متوقّع، حيث كان الرجل قد كُلِّف في السنوات الماضية التصدّي لواحد من الاستحقاقات الخارجية الأكثر أهمية، فكان مندوبًا موثوقًا من الوزير والرئيس والقائد الأعلى معًا.
هكذا انتقل باقري كني من معارضة الاتفاق النووي إلى قيادة الفريق الإيراني النووي لمفاوضات إحياء الاتفاق النووي – التي باتت حكومة رئيسي تُسميها مفاوضات رفع العقوبات – بعدما انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018 منه وهو الذي تطلّب سنوات طويلة من الجهود المضنية حتى يخرج إلى النور عام 2015.
منذ أن تولى الرجل أواخر عام 2021 منصب مساعد وزير الخارجية السياسي تنقّل بين عواصم عربية وأوروبية عدة، حتى كاد أن يحقّق الاختراق المطلوب في أكثر من مناسبة، لكنّ مباحثات الساعات الأخيرة أبقت جهوده على مسافة من ذلك.
وكان آخر نشاطات باقري كني غير المعلنة قيادة مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في مسقط، لتؤكد بعدها طهران رسميًا ذلك. كما أجرى مؤخرًا لقاءً معلنا مع منسّق المفاوضات النووية في الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا في جنيف، حيث أشار إلى أنه تم بحث رفع العقوبات كأجندة ثابتة لتفاعل إيران من الاتحاد الأوروبي.
على الرغم من مواقف باقري كني الحادة سابقًا تجاه الاتفاق النووي، إلا أنه دافع في أيلول/ سبتمبر 2023، عن استمرار التفاوض غير المباشر مع الغرب، منتقدًا “الذين يحاولون تحت ستار الدفاع عن القيم إعطاء المفاوضات بعدًا معاديًا للقيم”، إذ رأى أنّ هؤلاء “يريدون في الواقع حرمان الجمهورية الإسلامية من أداة محورية ومهمة لتحقيق المصالح الوطنية”. وعلى هذه القاعدة، شارك باقري كني في جهود ناجحة لاستعادة بلاده أموالًا مجمّدة كان أبرزها في كوريا الجنوبية والعراق.
مساعد جليلي ورئيسي
تولّى باقري كني قيادة حملة المرشح الرئاسي الإيراني السابق سعيد جليلي عام 2013، وكان مساعده عندما كان الأوّل كبير المفاوضين في الملف النووي خلال عهد الرئيس الأسبق محمود احمدي نجاد، فصار من أشدّ منتقدي الاتفاق النووي الذي أُبرم مع الغرب خلال حكم الرئيس السابق حسن روحاني، حيث رأى أنه “انتهك معظم “الخطوط الحمراء” التي وضعها القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، عبر فرضه قيودًا صارمة على البرنامج النووي الإيراني”، كما اعتبر أنه لو لم تدخل إيران الاتفاق، لتهاوت العقوبات من تلقاء نفسها.
كذلك، تولّى باقري كني مهام في السلطة القضائية عندما كان يرأسها الرئيس الراحل ابراهيم رئيسي، فشغل منصب أمين لجنة حقوق الإنسان، ثم مساعدًا للشؤون الدولية.
استهلّ نشاطه الدبلوماسي رسميًا في إدارة الشؤون العربية والأفريقية في وزارة الخارجية، ومنها إلى إدارة الشؤون الأوروبية عام 2005.
عمل باقري كني عام 1994 في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية محلّلًا سياسيًا في غرفة الأخبار، بعد سنوات من عمله في الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي، عندما كان لا يزال في العقد الثاني من عمره، وقد حصل على شهادة دكتوراة في المعارف الإسلامية والاقتصاد من جامعة الإمام الصادق التي تسمى “هارفارد إيران”، وقد تتلمذ على يد أبيه الذي كان أستاذًا في الجامعة التي كان يديرها عمه رئيس مجلس الخبراء السابق محمد رضا مهدوي كني.
وُلد باقري كني عام 1967 في منطقة كن شمال غرب طهران، ونشأ في عائلة لها باعها في الحياة السياسية. والده عالم الدين محمد باقر كني، من أوائل أعضاء مجلس خبراء القيادة بعد تأسيس الثورة الإسلامية بقيادة آية الله روح الله الخميني.